كلمة الأستاذ فضل الله صوايا بمناسبة الاحتفال بذكرى استشهاد ليونار
الأربعاء 11 حزيران 2003
لَحظة مباركِه لَإلي، أنا فضل الله صوايا من بعبدات، لَحظِة التكلّم عن شخص مبارك متل الأب ليونار، وحَياة الأب ليونار، وأعمال الأب ليونار… ولَو بصورة موجزة…
الأب ليونار مِتل ما بِتقلّنا سِيرتو بالكتاب اللي أَعدّو قَريبنا وخَيّنا فارس حبيب ملكي هُوّي يوسف إبن حبيب عويس الملكي ونورا بو موسي كنعان يَمّين.
أَبصَر النور ببعبدات بــــ 4 تشرين الأوّل 1881، [أَظهرت الأبحاث اللاحقة أنّه وُلد في 1 تشرين الأوّل] ورِبي فِيا وعاش مع أَهلو بكلّ بساطة عَيش وتَقوى وإيمان، حتّى العام 1893 تاريخ مجيء الآباء الكبّوشيين لبعبدات.
تْعَرَّف يوسف على الرهبان بهالدَير المبارك، فجَذَبتو روحانيّتن الفرنسيسيّة (نسبة للقدّيس فرنسيس) فَتقَرَّب منن إلى أن نادا الربّ يسوع باسم ليونار، ولبس التوب الرهباني الكبّوشي عام 1899.
مِن بَعدها كَمَّلِت الرهبنة إعدادو وتْزِيدو بالعِلم واللاهوت، ورُسِم كاهن إلى الأبد بـ 4 كانون الأوّل 1904، نال بعدها عام 1906 شهادة مبشّر رسولي اللي مَكَّنِتو بتاريخ لاحق الإلتحاق بالإرساليّة اللي حَدَّدولو ياها رؤَساؤو. فَتّمّ إرسالو عام 1906 لمدينة ماردين لَيِفْلح بكرم الربّ مع إخوتو بالرهبنة، من إرشاد ووعظ وتربية أولاد وتِدريس لِغات وموسيقى.
سنة 1910، بَلَّش يعاني أوجاع مَريره بْراسو، جَبَرِتو مع الأطبّا للإنتقال لمدينة معمورة العزيز للراحة، وبِقي فِيا عدّة أشهر من دون جَدوى وانتفاع وخَلاص من هالآلام!
فَــكَّر يِرجع لبعبدات بَلكي بيرتاح، لكن أَجَّل طَلَبو بهالموضوع، لأنّو حريق كبير حَلّ بالمعهد مكان إقامتو، فما قِبِل يِترُك إخوتو الآباء، وبِقي يِتْحَمَّل آلامو لَيشاطرن آلامن، ويساعدن بإزالة آثار الكارثة.
وبنصّ سنة 1911 رِجِع الأب ليونار لبعبدات، يْقَسِّم وَقتو بين أَهلو بالبيت، والبلّوطة بالحَقله، وأَهلو وإخوتو بهالدير. تْحَسَّنت أحوالو شي لا يُذكر، لكن ما طَوَّل ورِجِع لمدينة أورفا تَيِهتمّ عن جديد بالوعظ والإرشاد والإدارة والتَّعليم. وضَلّ هَونيك عدّة سنوات، اضطرّ بَعدا يِرجع لمدينة ماردين مع بداية الحرب العالميّة الأولى، تَـيْسِدّ الفراغ اللي حصل بغياب الرهبان الأجانب اللي غادَروا المنطقة بسبب الأحوال المهدَّدي للأجانب بِبَلَد مَعني متل تركيا.
تابع الأب ليونار التطورات الدراماتيكيّة يَوم بْيَوم، ودَوَّن تفاصيل الأحداث على دفتر زغير كان يِحملو بجَيبتو، سَلَّمو قبل ما يِعتقلوه للقسّ إسحق أرملة، اللي استفاد كتير مِنّو بتأليف كتابو الشهير “القُصارى في نَكَبات النَّصارى” وبيخبّر فيه كيف داهم الجنود الأتراك دير الآباء الكبّوشيين، ودير راهبات الفرنسيسكان، وكيف نَكَّلوا بالرهبان والراهبات وطردوهن وخَتَموا البواب بالشمع الأحمر.
وبِقْيت الحال على ما هي، من إبعاد وعَبَثْ ووحشيّة، عدّة شهور، إلى أن تمّ القبض على كلّ رجال الدين وأعيان الطايفة المسيحيّة يَلّي بِقيو بالمنطقة… اعتقلوا المطارين، وأَبرزن سيادة المطران اغناطيوس مالويان الأرمني الكاثوليكي، واعتقلوا الرهبان، ومِنُن الأب ليونار يَلّي ما رضي يِترك خَيّو الأب العجوز دانيال الإيطالي لوحدو… فتمّ القبض عْلَيه وتْعَرَّض لأبشع أنواع التجويع والتعذيب والإهانات والضرب والتنكيل والترويع.
عَرَضوا عْلَين عدّة مرّات نكران إيمانن المسيحي تَيِسْلَموا، لكن بِقيو صامدين ومتحملين آلامن مع آلام يسوع… وهَون العَظَمِة…
ومع فجر يوم الجمعة 11 حزيران سنة 1915، تْــوَجَّهت القافلة المسيحية، بكلّ جرأة وثبات وإيمان وفرح سماوي، تْــوَجَّهت لتموت في سبيل يسوع المسيح. وقتلوهن رجم بالحجار والعصي، وطعن بالخناجر والسيوف. وبعدها آبار قلعة زرزوان يَلّي رميوهن فيا بترتعد من هَول المذبحة.
يا إخوتي،
الكلام عن سيرة الأب ليونار بِذَكّرنا بمصير الإنسان، متل ما أرادو الله إلو. بمعنى آخر، واجب على الإنسان المسيحي يْحَقِّـق إرادة الله تايبلغ السعادة والمجد.
الأب ليونار جَسَّد بحياتو وبمماتو واستشهادو مِثال الإنسان المسيحي المتعلّق بمريم العدرا وإبنها يسوع وتعاليم الكتاب المقدّس.
إمنا العدرا شاركت يسوع بعمل الفدا، والأب ليونار أيضًا، شارك يسوع بالفِدا. فَتَح قلبو وتفكيرو وأمانيه للمسيح، انجَرَف بتيّار حبّو ليسوع، فتحطَّمت قدّامو كلّ قوى الشرّ والهرطقة والخطيّي… وانتصر!!
تلألأ فيه نور المسيح، فزادو كتير من الحبّ وروح التضحية. عِرِف إنّو قيمة حياتو ما بتجي من الآلام والصعوبات يَلّي عاناها وبَسّ، إنّما كيف يواجهِها… واجَها الأب ليونار بالحبّ والغفران! الحبّ وبَذل النفس والتَعَب قدّام إخوتو بالمسيح، وخدمة القريب… والغفران لإخوتو المضلَّلين، وراح معن متل الخروف الِمنساق للدبح، بصمت ورِضى، وغَفَرلهن، ودَخَل مع قافلة الشهدا فردوس يسوع. الأب ليونار وَصَّل للكمال بالنفس والجسد، ودَخَل عالم المجد الأبدي.
ضَرَبوه وعَذَّبوه وما تَرَك مِشعل المسيح…
عَلَّقوه بِجْرَيه وراسو لتحت، ودَحرَجوه على الدرج، وما تدحرج عَنّو تاج المسيح…
هَرَقولو دَمو، وما انطفا بقَلبو سراج المسيح…
إخوتي المؤمنين،
نَبَت بأرض بعبدات الطيّبة كتير من الكهنة والرهبان، وكلّ واحد منن كان مِشعل طهاره وبراءة وإيمان وخدمة المدبح والقريب. بينحكى عنن كتير. إنّما اليوم عم نحكي عن الأب ليونار لأنّو ذكرى استشهادو متل اليوم 11 حزيران 1915 مع 416 من رفقاتو، في سبيل المسيح.
فرصة مناسبة اليوم لَنطلب من الربّ يسوع يَعطي القوّة والتوفيق للرهبنة الكبّوشيّة وقدس الأب العام تَيكَّملوا دعواهن بخصوص تطويب الأب ليونار الشهيد.
في سبيلن وسبيل الأب ليونار منصلّي، لأنّو ماشي عادرب القداسة، وانشالله الربّ يستجيب صلواتنا وطلباتنا ونِحضَر حفل تطويبو متل ما طوَّبو رفيقو بالاستشهاد المطران مالويان، ويصير الأب ليونار دْخيرة وقونة نِلبسها ونعَلِّقها بكلّ فخر بأعناقنا.
المجد إلك يا يسوع، آمين.