1- إعادة توزيع الرهبان على مراكز الإرساليّة
كان العمل في الإرساليّة يسير بشكل جيّد، ومع ذلك، مع بداية العام 1910، حصلت تبديلات شاملة في المراكز، وذلك للأسباب التالية:
كان على رأس الإرساليّة راهب جليل هو الأب جان أنطوان دوميلان، يتمتّع بخبرة طويلة امتدّت لخمس وعشرين سنة، وغيرة رسوليّة ساعدته على إدارة الإرساليّة الواسعة الانتشار. سيم أسقفًا في 22 كانون الأوّل 1909، وعُيّن نائبًا رسوليًّا على آسيا الصغرى، ومقرّ إقامته في إزمير. عندئذ، أصدر مجمع نشر الإيمان المقدّس في روما مرسومًا، بتاريخ 10 آذار 1910، بتعيين الأب آنج دوكلاميسي، من إقليم القدّيس بونافنتورا في ليون، رئيسًا للإرساليّة مكانه، ما أدى إلى إعادة النظر بتوزيع الرهبان على مراكز الإرساليّة، وهكذا: انتقل الأب ليونار من ماردين إلى معمورة العزيز، والأب توما من خربوط إلى ديار بكر، فيما بقي الأب بونافنتورا في أورفا.
أمّا الرهبان الآخرون في الإرساليّة فهم: الأب أدريان دوبي، القادم من إقليم ليون [تقع مدينة أوبي في جنوبي شرقي فرنسا]؛ الأب أتال دوسانتيتيان، القادم من إقليم ليون؛ الأب أبولينار دوتريتو [تقع مدينة تريتو في شمالي شرقي إيطاليا وهي غير مدينة ترينتو]؛ الأب بازيل من أنقره، القادم من معهد بودجه؛ الأب بنوا نجاريان من ديار بكر، القادم من معهد بودجه؛ الأب كولومبان دوجيروماني، القادم من إقليم ليون [تقع مدينة جيروماني في شمالي شرقي فرنسا]؛ الأب شارل دونيربيلت، القادم من إقليم ليون [تقع مدينة نيربيلت في شمالي شرقي بلجيكا]؛ الأب دانيال دومانوبيللو الإيطالي، الأخ فرديناند دوتيزي، القادم من إقليم ليون [تقع مدينة تيزي في وسط شرقي فرنسا]؛ الأب غبريال سولييه من ليون، القادم من إقليم ليون؛ الأب جواشان دوليون، القادم من إقليم ليون؛ الأب جان باتيست دوكاستروجيوفاني الإيطالي، الأب لويس ميناسيان من خربوط ، القادم من معهد بودجه؛ الأب لودوفيك دار، القادم من إقليم ليون [تقع مدينة آر في جنوبي شرقي فرنسا]؛ الأب رافائيل سمحيري من الموصل، القادم من معهد بودجه؛ الأب رافائيل ديزيتابل، القادم من إقليم ليون؛ الأخ فينسان من ماردين، القادم من معهد بودجه؛ الأب أتاناس دوسانجرمان ليرم، القادم من إقليم ليون [تقع مدينة سانجرمان ليرم في وسط فرنسا]. 1
هناك سبب آخر ساهم في إجراء تلك التبديلات. قام الأب العامّ في روما بإجراء إداري، وألحق المعهد الشرقي في بودجه بإقليم ڤينيتسيا الإيطالي، وبالتالي، لم يعد ينعم بالاستقلال الإداري الذي كان فيه سابقًا، وصار اسمه “مفوضيّة قلب يسوع الأقدس الإقليميّة”، فانقطعت العلاقة الإداريّة بين المفوضيّة والإرساليّة، ما سبّب حزنًا كبيرًا لدى الآباء الذين درسوا في المعهد، وما زالوا على تواصل معه. يعبّر الأب بونافنتورا البعبداتي عن هذا الحزن في إحدى رسائله، ويقول:
مضى على وجودي في مركز أورفا ثلاث سنوات ونصف عشتُ فيها الأيّام الحلوة تارة، وطورًا الأيّام المرّة. هذا هو مصير المرسَلين. ومنذ إلحاق المعهد الشرقي الذي درسنا فيه بإقليم ڤينيتسيا تضاعف همّي، إذ أصبحتُ بعيدًا عن الإخوة الأعزاء في بودجه، ولا أمل عندي للقائهم مرّة أخرى. لذلك، راودتني طويلاً فكرة الانسحاب من الإرساليّة. وحده الأمر الصادر عن أبوّتكم، والقاضي بأن يلازم جميع المتخرجين من المعهد الشرقي مراكزهم جعلني أعدل، وأبقى حيث ما أنا. 2
يعبّر الأب ليونار، أيضًا، عن تعلّقه بالمعهد، ويكتب إلى الأب العامّ في روما، ويقول:
أودّ التعبير، أوّلاً، أبتِ الجزيل الاحترام، عن امتناني الكبير لكلّ ما تكرّمت وعملته لمعهدنا السابق، المسمّى حاليًّا “مفوضيّة قلب يسوع الأقدس الإقليميّة”. لذلك، أضمّ صوتي إلى أصوات جميع زملائي في تلك المفوضيّة، وأقدّم لك خالص شكري، وأسمى عواطف امتناني.
حين وصلني التعميم الذي أرسله حضرة الأب المفوّض، وفهمت ما جاء فيه، قلت في نفسي: “كلّ هذا من صنيع الله”. فضلاً عن ذلك، جاء اختيار المفوّض ومعاونَيه الاثنين موفّقًا، وعلى أفضل ما يمكن أن يكون. فهم، بكلّ تأكيد، ثلاثة أشخاص جديرين، وممتلئون غيرة، تحميهم أبوّتكم الموقّرة وتساندهم، وسيعيدون ازدهار الحياة الرهبانيّة المعهود، بكلّ تأكيد، وسيكسبون مودّة الجميع، ويسيرون بالمفوّضيّة كما يجب. 3
2- الأب توما: من خربوط إلى ديار بكر
نُقل الأب توما من مركز خربوط إلى مركز ديار بكر، فيعلّق على الأمر قائلاً:
…أكتب إليكم، هذه السنة، من ديار بكر. إنّي في هذا المركز منذ أكثر من شهر. كنتُ قبلاً في خربوط حيث بقيتُ سنتين. لقد وجد حضرة الأب آنج، رئيس الإرساليّة، أنّه من الأفضل نقلي إلى ديار بكر. لتكن مشيئة الربّ.
ديار بكر، حيث تبدو الخيام التي ينصبها السكّان على السطوح، فينامون فيها ليلاً، ويقضون فيها معظم أوقاتهم، نهارًا، بسبب الحرّ الشديد (أرشيف الرهبنة الكبّوشيّة في المطيلب – لبنان)
ما زالت الإرساليّة في طور التكوين. بالرغم من ذلك، اسمحوا لي أن أبدي رأيي، بواسطة بضع كلمات، عن الوضع الحالي للإرساليّة، بحسب الفكرة التي كوّنتها عنها.
تتوزّع الإرساليّة على ستة مراكز: ثلاثة في بلاد ما بين النهرين، حيث يتكلّمون التركيّة والأرمنيّة والعربيّة، باستثناء ماردين، حيث يتكلّمون العربيّة وحدها؛ وثلاثة في بلاد أرمينيا، حيث اللغتان التركيّة والأرمنيّة. الآباء هم سبعة عشر، منهم عشرة يتبعون إقليم ليون. ومع ذلك، يقوم الآباء الأغراب الذين لا يتبعون إقليم ليون، بمعظم الخدمات. باستطاعتنا عمل الخير أكثر ممّا يُعمَل. بحسب البعض، يعود سبب النقص في عمل الخير إلى ندرة الإمكانيّات الماديّة. لكنّني أقول، ويشاركني آخرون في هذا الرأي، إنّ الأموال كافية، والنقص هو في التدبير وحسن الإدارة. في الواقع، تصلنا المعونات أكثر من مرّة، ومع ذلك تتراكم الخسائر والديون، من سنة إلى أخرى، بدون أن نعرف السبب…
أمّا الآن، وفيما يخصّني: عند وصولي إلى الإرساليّة، عُيِّنتُ في ماردين، لأنّني أعرف اللغة العربيّة، فبدأت فورًا الخدمة، بحسب ما أُعطيت من قوّة. بعد إقامتي هناك لمدّة سنتين وثلاثة أشهر، أرسلني الرؤساء إلى خربوط ، ووضعوا آخرين مكاني، لا يعرفون اللغة العربيّة، بل التركيّة والأرمنيّة. وبما أنّني لا أعرف التركيّة ولا الأرمنيّة، وهما اللغتان المستعملتان في خربوط ، أصبحت شبه مشلول. فحوّلتُ جهدي إلى دراسة اللغة التركيّة، بكلِّ أسف، دون معلِّم. ما همّ ذلك، لقد قمتُ لوحدي بما أستطيع القيام به. وما أن صرتُ قادرًا على تدبير أمري باللغة التركيّة، حتّى عُيِّنتُ في ديار بكر. وتأكّدوا، أخيرًا، من أنّني لا أقول هذا لأنّ الأمر أزعجني، أو جرى رغمًا عنّي، ولا أقوله بنيّة اتّهـام رؤسائي، أو نـقـل شكوى بحقّهم، لأنّني مقتنع بـأنّ إرادتهـم هي إرادة الربّ، وبإذن منه. 4
3- الأب ليونار : من ماردين إلى معمورة العزيز، وصداع مرهق
ضمن سلّة التعيينات الجديدة، قام الأب آنج بتعيين الأب ليونار في مركز معمورة العزيز، في قلب إرساليّة أرمينيا التي تشمل أيضًا مركزَي ملاطية و خربوط . الوضع هنا شبيه بالمراكز الأخرى، بالنسبة إلى البرامج وأعمال المرسَلين، لكنّ معهد معمورة العزيز هو الأكبر بين معاهد الإرساليّة، إن كان بالنسبة إلى المساحة الواقع عليها، أو بالنسبة إلى عدد الأساتذة والتلاميذ، كما المستوى العلمي العالي فيه.
معهد الآباء الكبّوشيين في معمورة العزيز
(أرشيف الرهبنة الكبّوشيّة في المطيلب – لبنان)
إنّ الإقامة في هذا المركز والعمل فيه يناسب جدًّا الأب ليونار وشخصيّته الروحيّة والثقافيّة. لذلك، بدأ فورًا بالعمل، على الرغم من الصداع الذي كان بدأ يعاني منه في ماردين، ولعلّه السبب الرئيسي الذي جعل رئيس الإرساليّة يعيّنه في معمورة العزيز حيث المناخ أكثر اعتدالاً، على أمل أن تشهد حالته الصحيّة تحسنًا ملموسًا. لكنّ الأمر دائمًا بيد الله، وها هي صحته تتدهور بشكل مريع، ما دفعه إلى التخلّي عن كلّ نشاطاته وملازمة الراحة التامّة متحملاً شتى أنواع العذابات الجسديّة والنفسيّة.
4- الكبّوشيّون الأوائل في إرساليّة أرمينيا
للتعريف عن مختلف المراكز الواقعة في إرساليّة أرمينيا، نقتطف هذه المقاطع من تقرير أعدّه الأب آنج ديفيلاروبيا، المرسَل الإسباني العتيق، يقول فيه:
جاء آباؤنا إلى هذه البلاد منذ ما يقارب الخمسة وثلاثون سنة. وكان المرسلون البروتستانت الأمريكان قد استقرّوا قبلهم في خربوط ، منذ ثلاثين سنة، وأنشأوا فيها إرساليّة كبيرة.
إنّ القادم إلى خربوط ، فيما هو صاعد المنحدر الحادّ المؤدّي إلى المدينة، يشاهد أمامه المدارس البروتستانتيّة التي تحتلّ حيًّا من المدينة بكامله، تتعلّم فيها الشبيبة الأرمنيّة كلّها، والبالغ عددها ألف ومئتي فتى وفتاة. ومع اعترافنا بالجهود المبذولة من قبل هؤلاء المرسَلين لرفع المستوى العلمي في البلاد، لكنّ التقدّم الديني والأخلاقي يشهد هبوطًا. إنّ الشابّ الذي يدخل تلك المدارس، ويتعلّم فيها لمدّة عشر سنوات مثلاً، ينال شهادة “أستاذ”… قليل الإيمان. إنّ الإيمان القليل الباقي لدى تلك النفوس الضائعة بفعل الانقسام الحاصل في الكنيسة قد اختفى تمامًا، وهذا ما يعلّمه الأمريكان.
يقول القسّ هنري توسر ما يلي: “إنّ خربوط هي المركز الرئيسي للإرساليّة الأمريكيّة، ويمتدّ نفوذها إلى أكثر من ثلاثمائة قرية. ومن هنا نعرف كم هو تأثيرها كبيرًا. إنّ الهدف الأوّل الذي يسعى إليه المرسَلون، قبل كلّ شيء، هو الدين وليس التعليم، لذلك يجتهدون بإصلاح الكنيسة الأرمنيّة الحاليّة، وإنشاء جماعات بروتستانتيّة في كلّ قرية”.
…وها هو الراهب الكبّوشيّ الفقير يطلّ، متسلحًا بخُرج يضع فيه أحجارًا صغيرة ليرميها بوجه المارد البروتستانتي؟ كي يكون محترمًا من الناس والسلطات، عمل في الطبّ ومداواة الناس بحيث بات يقصده الجميع، المسيحيّون والأتراك، يأتون من كلّ حدب وصوب، يستشيرونه وينتفعون من علاجات هذا الأب الرحوم. وبمدّة قصيرة، استطاع أن يكسب ودّ الجميع واحترامهم.
فرقة التبويق الموسيقيّة التابعة لمعهد الكبّوشيين في معمورة العزيز. يبدو في الوسط الأب رافايل ديزيتابل، وإلى يمين القارئ، الأب بازيل تشيليبيان من ديار بكر، وخلفه الأخ فردينان الفرنسي. وإلى يسار القارئ، الأب ليونار، وخلفه الأخ لويس ميناسيان من خربوط
(أرشيف الرهبنة الكبّوشيّة في المطيلب – لبنان)
قام بشراء قطعة أرض صغيرة في معمورة العزيز الذي كان يفضّلها على خربوط لأنّه توقّع لها أن تصبح مركزًا كبيرًا، وهذا ما حصل. في البدء، منذ عشر سنوات، كانت مدرستنا متواضعة، ومساكننا الحقيرة تعطي انطباعًا سيّئًا لدى هؤلاء الشرقيين الذين يهتمّون بالمظاهر. ما العمل إذًا؟ كلّ شيء مهدّد بالخراب، والجدران المشقّقة على وشك الانهيار، فاضطريّنا التدريس في الأقبية. قام الأب رافائيل، الرئيس المحلّي، باستشارة الرؤساء العامّين الذين أعطوا الموافقة لتشييد أبنية جديدة، فتمّ وضع التصاميم لمدرسة كبيرة بلغ طولها أربعون مترًا وعرضها خمسة وعشرون. بدأنا بناء الطوابق تحت الأرض، ثمّ توقفنا مدّة خمسة أشهر بسبب النقص في الموارد الماليّة الموعودة، والله يعلم الأهوال التي عاشها الرئيس المسكين. لكنّ العمل استمرّ، وتجاوزنا المصاعب العديدة متّكلين على العناية الإلهيّة، وأنهينا بناء المدرسة على موقع جميل بعد طول انتظار، وكتبنا على المدخل، بالخطّ العريض: المعهد الفرنسي، وفوقه يرفرف العلم المثلّث الألوان [علم فرنسا]، وحفرنا تحته على الصخر شعار القدّيس فرنسيس.
ارتفع عدد التلاميذ بسرعة، منذ السنة الأولى، ويبلغ عددهم اليوم ثلاثمائة، بينهم خمسون تلميذًا داخليًّا أتوا من جميع مراكز الإرساليّة الأخرى. يؤمّن سير التدريس في المعهد: ثلاثة رهبان، وكاهنان علمانيّان، وأحد عشر أستاذًا، يُدرّسون الموادّ نفسها التي تُدرَّس في المعاهد الكبرى في فرنسا وهي: العلوم، الفيزياء، الكيمياء، الفلسفة. على جميع التلاميذ تعلّم اللغات الفرنسيّة والتركيّة والأرمنيّة والعربيّة، وبقيت الإنكليزيّة والسريانيّة مواد اختياريّة. إنّ التلميذ الذي يتخرّج من المعهد، ويحصل على شهادة “أستاذ”، باستطاعته التعليم في مدارس الدولة. ومنهم مَن يتابع دروسه في كلّيّة الطبّ في بيروت، وقد علمنا أنّ تلامذتنا يحتلّون المراتب الأولى فيها.
قام الأخ فردينان، الراهب ذو النشاط الدائم، وأنشأ جوقة تبويق تضمّ 45 عازفًا، بدأت تعزف منذ أربع سنوات. وأثناء الاحتفالات الكبرى، يأتي الرسميّون وغيرهم من الناس، بكلّ طيبة خاطر، لسماع الألحان الفرنسيّة الجميلة. 5
5- وصف المعهد
يصف الأب آتال دوسانتيتيان معهد معمورة العزيز الذي أقام فيه، ويقول:
… باستطاعتنا القول إنّه المركز الأهمّ في إرساليّة بلاد ما بين النهرين وأرمينيا، ويتبيّن لنا ذلك بالنظر إلى ضخامة الأبنية التي تؤلّفه. حال الولوج إلى باحة المركز، يقابلك مبنى مكوّن من طابقين، عرضه عشرون مترًا، ويمتدّ على طول خمسين إلى ستين مترًا. على جهة اليمين، يوجد مبنى المعهد القائم بذاته: غرف الدراسة في الأسفل، وغرف المنامة في الطابق العلوي، وإلى اليسار، وما يقارب ثلث المسافة، مكان مخصّص لسكن الآباء، وعلى محاذاة نفس الجهة، بشكلٍ منفصل، على بعد أمتار قليلة، تقبع الكنيسة المؤلّفة من قاعة كبيرة ذات ارتفاعٍ شاهق، وزجاجٍ مُلوَّن، وسقف مزدوج الجانبين يغطّيه القرميد، وجرس صغير ناعم يزيّن الباب الرئيسي. وفي نهاية جهة اليسار، يقع في الزاوية اليمنى ما بين المعهد والكنيسة مبنى يُستخدم لتعليم الفتيات. تحجب هذه المباني حقول واسعة ومحاصيل وحدائق الكروم وحقولٍ تُروى من ينابيعٍ وفيرة، وتحيط بها، فتبدو كالأرض المسيّجة، تقطعها خطوط طولية من أشجار الحور.
فرقة الحجرة الموسيقيّة التابعة لمعهد الكبّوشيين في معمورة العزيز، بقيادة الأب جواشان دوليون ومشاركة الأخ فردينان من فرنسا على الفيولونسيل
(أرشيف الرهبنة الكبّوشيّة في المطيلب – لبنان)
أتت أعمال الإرساليّة لتتوافق مع ضخامة المركز. المعهد أولّاً: تأسّس على يد الأب مارك الجليل الذي تميَّز بسعة اطلاعه، وغيرته الرسوليّة، وتفانيه المتواصل، بهدف التعليم والتربية الكاثوليكيّة والفرنسيّة للشباب الأرمن الأذكياء والنهمين في العلم، الذين استهوتهم الكلّيّة الأميركيّة البروتستانتيّة في خربوط ، فبلغ عدد التلاميذ الذين يقصدونه، منذ افتتاحه وحتّى الآن، أكثر من خمسمائة تلميذ، من بينهم خمسون تلميذًا داخليًّا.
وعلى الفور، ذاع صيت معهد معمورة العزيز الفرنسي في جميع أنحاء أرمينيا، ولم يخفت نجمه حتّى اندلعت الحرب العالميّة. يُخرّج المعهد كلّ عام عددًا وفيرًا من التلاميذ، يدخلون الجامعة الفرنسيّة في بيروت، أو المعاهد العليا الرسميّة في القسطنطينيّة، من دون حاجة لإجراء فحص دخول، مزوّدين فقط بالشهادة التي يعطيها لهم المعهد.
تلامذة معهد الآباء الكبّوشيين في معمورة العزيز أثناء قيامهم باستعراض رياضيّ
(أرشيف الرهبنة الكبّوشيّة في المطيلب – لبنان)
إلى جانب المعهد، تأتي الكنيسة التي يؤمّها معظم التلاميذ، بما فيهم الغريغوريين [الأرمن الأرثوذكس]، لإداء صلوات الصبح والمساء، في كلّ يوم. ويوم الأحد، يشاركون في القدّاس والصلوات مع المؤمنين الكاثوليك، في إطار رعويّ. في حقيقة الأمر، تكوّنت جماعة لاتينيّة حول الإرساليّة، يزداد عددها يومًا بعد يوم، مؤلّفة من النخب المهتدين، بفضل الدراسة والتأمّل والنعمة، بالإضافة إلى عدد أكبر من الناس البسطاء الذين يأتون إلينا بدافع العمل أو الاستفادة من التقديمات الخيريّة.
الفرقة الموسيقيّة التابعة لمعهد الآباء الكبّوشيين في معمورة العزيز بقيادة الأب بازيل دوفلسن – هولندا (أرشيف الرهبنة الكبّوشية في المطيلب – لبنان)
أخيرًا، كما لو أنّ المعهد والكنيسة لا تكفيان لنشاط الآباء الرسولي، تمّ افتتاح ثلاثة فروع في القرى المجاورة، مع مدرسة وكنيسة، وتقع في:
• ”أوسينيك” أولاً، الواقعة على بعد ساعة واحدة من معمورة العزيز، سيرًا على الأقدام. يتوجّه إليها أحد الآباء، كلّ يوم أحد، لإقامة الذبيحة الإلهيّة والوعظ، كما يتمّ الإشراف على المدرسة، عن كثب، من خلال زيارات متكرّرة في الأيّام الأخرى.
• تليها “كويولو”، أبعد بكثير، حيث وجب الذهاب إليها ممتطين الجواد في العشيّة، والعودة مساء اليوم التالي. عدد المؤمنين في الكنيسة كبير، كذلك التلاميذ في المدرسة، ولا نزال نأمل المزيد منهم.
• أخيرًا “بيسميشان”، الواقعة في الجهة المعاكسة، كان يخدمها كاهن من أهل البلد لكنّه تابع للإرساليّة. وفي معظم الأحيان، كما تقتضيه الظروف، كان يتوجّه إليها أحد آباء الإرساليّة.
يسهل علينا تخيّل كل ما في حياة الراهب الذي وجب عليه أن يكون مُدرّسًا، ومرسلاً، وكاهنًا، في الوقت عينه. ولم يكن هذا النشاط المتعدّد ليزعج أحدًا منّا، بالطبع، نظرًا لغيرتنا الرسوليّة. كان لكلّ واحد منّا عمله الخاصّ يضيفه إلى العمل العامّ: فلان ينظّم حلقة أدبيّة أو فلسفيّة في المعهد، وآخر يُشرف على بعض الأعمال الرعويّة والرياضيّة، على مثال الموجودة في فرنسا. 6
6- أهميّة المعهد ومستواه العلميّ
يمكننا تصوّر أهميّة المعهد من خلال المراكز التي يحتلّها المتخرّجون منه، أكان في إدارات الدولة العثمانيّة أم في جامعات بيروت. يقول الأب لودوڤيك دار ما يلي:
نموذج من بطاقة العلامات في مدرسة معمورة العزيز، وردت فيها موادّ التدريس بالفرنسيّة والأرمنيّة والتركيّة
(أرشيف الرهبنة الكبّوشيّة العام في روما)
كيف أتت نتائج هذا العمل؟ لمعرفة ذلك، وجب علينا التوقّف عند التطوّر الحاصل في البلاد بفضل قدامى المعهد، إذ هم لا يخشون الذهاب إلى جامعة بيروت، ومواجهة الامتحانات السنويّة التي تُشرف عليها لجنة فرنسيّة، بمعاونة الأساتذة المحليين، وتخرّج منها 66 طالبًا بينهم ستة أطباء وثلاثة صيادلة. العديد منهم يدرّسون اللغة الفرنسيّة في كلّيّات الإمبراطوريّة، وآخرون يُشغلون وظائف مهمّة في الحكومة: في البريد والجمارك وإدارة التبغ والتنباك، الخ … ولدينا اليوم ثمانية طلاب في بيروت، واثنين في القسطنطينية يتابعان دروس الصيدلة، وثلاثة في كلّيّة الهندسة، وثلاثة في كلّيّة الحقوق، وإذا ساروا على خطى مَن سبقهم، فسيحتلّون مراتب جيّدة، وربّما كانوا من الأول. نأمل ذلك، لأنّهم مجتهدون ومثابرون، ورئيس الجامعة في بيروت على استعداد لاعتبارهم من أفضل الطلاب. 7
7- نشاط الأب ليونار أثناء مرضه
كان نشاط الأب ليونار في هذا المركز، وفي هذه الفترة التي قضاها فيه، محدود جدًّا، وذلك بسبب الصداع الحادّ الذي سبق وتكلّمنا عنه، فاكتفى بإعطاء بعض الدروس في الموسيقى، واللغة الفرنسيّة، ونظارة التلاميذ في الصف وفي الملعب، بالإضافة إلى المشاركة في القدّاس اليومي، وسماع الاعترافات القليلة. يَكتب الأب ليونار إلى الأب العامّ عن وضعه المحرج هذا، ويقول:
حضرة الأب العامّ الجزيل الاحترام
مع ٱقتراب حلول نهاية هذه السنة، أُسارع إلى تقديم تهانيّ البنويّة لكم، في السنة الجديدة، فأتمنّاها لكم سنةً سعيدة، ملؤها خير البركات السماويّة. لتكن سنة النعمة ١٩١١ ينبوعًا يدفق عليكم نِعَم الربّ التي تحتاجون إليها في إدارتكم الصعبة والنبيلة للرهبنة بأسرها.
كنتُ قد وجّهت إليكم الأماني نفسها، في السنة الفائتة، لكنّني كنتُ في وضعٍ مختلفٍ كلّيًّا عمّا أنا فيه خلال السنة الحاليّة. فمع بداية سنة ١٩١٠، مرضتُ في ماردين، وما زلتُ، إلى اليوم، في وضعٍ لا أتمكَّن فيه حتّى من تلاوة الفرض الإلهيّ. أمّا الذبيحة الإلهيّة، فإنّي أحتفل بها بصعوبةٍ فائقة.
لقد ألـمّ بي وجعٌ دائمٌ في الرأس، لا يدع لي فترةً من الهدنة. وهذا أوجبَ عليّ، بالطبع، أن أتوقّف عن الخدمة المقدّسة، وأضع نفسي في راحةٍ فكريّةٍ تامّة، بناءً على أوامر الطبيب.
بعد مرور بضعة أشهرٍ على هذا الوضع، في ماردين، وبما أنّي لم أجد أيّ تحسّنٍ في صحّتي، إستأذنتُ الرؤساء لمغادرة ماردين والتوجّه إلى معمورة العزيز، فأجابوا طلبي بكلّ طيبة خاطر. أملْتُ، هنا، بالشفاء، بفضل المناخ الطيّب ووجود العديد من الأطبّاء الإختصاصيّين، غير أنّ التحسّن ضئيلٌ، لغاية اليوم، إن لم يكن معدومًا.
يصعب عليّ كثيرًا أن أرى نفسي مضطرًّا لتمضية أيّامي، في هذا الوضع، عاجزًا عن القيام بأيّ عمل. وأحزن جدًّا عندما أفكّر في الخدمة التي كنت أقوم بها، وبٱستطاعتي القيام بها، لو لم أكن مريضًا. لكنّني، عندما أُفكّر بأن الربّ هو الذي يرسل الإعاقات من أجل خيرنا الأعظم، فإنّي أخضع لإرادته العليّة وأتحمّل مرضي.
أنا أقومُ ببعض الأعمال اليدويّة، لكيلا أقع في الملل، وهكذا أقضي وقتي، عاجزًا عن القيام بأيّ عملٍ آخَر. 8
8- تفاني الأب ليونار أثناء الحريق الذي تعرّض له المعهد
بما أنّ حالة الأب ليونار لم تتحسّن، بدأت تراوده فكرة الذهاب إلى علاج أكثر جذريّة، وهذا الأمر وافقه عليه الأطباء. لماذا إذًا لا يتوجّه إلى بعبدات نفسها، لعلّه يُلاقي فيها الراحة المنشودة، وفي هوائها الصافي العليل علاجًا، وبين أهله المشتاق إليهم التعزية النفسيّة؟ لكنّه اضطرّ إلى التخلّي عن هذا المشروع إثر وقوع كارثة كبرى في المعهد الذي التهمته النيران، في 6 شباط 1911. يروي الأب جواشان دوليون قصّة هذا الحريق ويقول:
…حصل ذلك بعد ظهر اليوم السادس من بداية الشهر، وكان البرد قارسًا، والضباب كثيفًا، بحيث اضطرّينا إلى إقفال مدارسنا مدّة ثمانية أيّام. وفيما الرهبان يقومون بأعمالهم الاعتياديّة، والتلاميذ الداخليين الباقين في المعهد يستريحون في قاعات الدروس، سمع الأب بازيل فرقعة قريبة من غرفته، فجأة، وهو يستعدّ للخروج إلى المدينة. لم يعر أي اهتمام للأمر، لكنّه ما لبث أن سمع فرقعة أخرى أكثر وضوحًا، وعلى الفور، راوده حسّ داخلي بالحادث الآتي، وذلك للسبب الذي سأقوله لكم لاحقًا.
بدأ الحريق في المكتبة، تمتم في قلبه، وركض للاطلاع على الأمر. إنّه الحريق فعلاً، يا للأسف. عاد بسرعة إلى غرفته، واستلّ الطشت الذي يستعمله، واندفع لرمي محتواه على النار المستعرة. أعلم الأب ليونار، ونزل بسرعة إلى غرفتي، وطرق باب الأب رافائيل، وصرخ بأعلى صوته: الماء، الماء، النار في البيت. لقد أُعطي الإنذار.
ركض الجميع، على الفور، رهبانًا وتلامذة داخليين، يتهافتون على جلب الماء. لكنّ جهودهم ذهبت سدى، والضرر حصل ولا يمكن التعويض عنه، لأنّ الحريق وصل إلى تسقيفة البيت بعد أن اجتاز الفاصل في مكتبة الآباء، وصار من المستحيل الاقتراب منها لأنّ الباب الوحيد المؤدي إليها صار تحت النيران. وما أن صار الحريق تحت السقف حتّى انتشر بسرعة البرق. وبأقلّ من ثلاث دقائق وقعت الصفائح الأولى الموجودة فوق غرفنا تحت تأثير النار، وانطلق الدخان الأسود الكثيف إلى الخارج.
وفي لمحة بصر، ركض كلّ واحد منّا إلى غرفته يحاول إنقاذ ما استطاع من كتب ومخطوطات وأسرّة وأثاث كي لا تلتهمها النيران. بالكاد تمكن التلاميذ الداخليين من إنقاذ البياضات وشنط الأمتعة الخاصّة بهم، ثمّ صعدوا من جديد يحاولون إنقاذ آلات التبويق. لكنّ النار سبقتهم، وبدأت تلتهم الأبواب والنوافذ الداخليّة في الممشى بعد أن قضت على السقف، وصار عليهم لزامًا التراجع والنزول إلى أسفل.
إنّ السرعة المرعبة التي انتشر فيها الحريق لم تمكّن الساكنين في الطوابق العليا من إفراغ غرفهم من محتوياتها، وإنقاذ الكتب الموجودة في المكتبتين. إنّ الأب لويس الذي كان غائبًا في خربوط لم يجد، عند عودته، ما يحتفظ به ذكرًا، سوى مفتاح غرفته المودع في صالة الطعام. كذلك الأمر بالنسبة إلى غرفة الرئيس حيث لا شيء تمّ إنقاذه. وفي الأسفل، كانت عمليّة الإنقاذ أسهل، ولكن، يا للأسف، بقيت غير كاملة للسبب التالي.
منذ بدء الحريق، أُعطي الإنذار في الثكنة، وعلى الفور، اندفعت كتيبة كاملة من العسكر، وعملت على إنشاء طوق حول المبنى، وإبعاد الناس عنه. ولم تأت المساعدة من بعض الأصدقاء الأذكياء المتفانين إلاّ بعد أن صارت غير مجدية. بدأ العسكر بالعمل، وقد لقينا من البعض منهم ومن رؤسائهم بشكل خاصّ مساعدة مفيدة. ولكن، ويا للأسف، كان العسكر بمعظمهم من الأكراد، وذلك يكفي. جاءوا إلينا على أمل الحصول على مكسب غير متوقَّع، لذلك لم نرَ أيّ أثر، بعد الحريق، للبياضات والكتب والأشياء المختلفة. وفيما كانت النيران تلتهم المبنى، كان العسكر يستولون على الأثاث!
ما يؤسفنا أكثر من أيّ أمر آخر هو الضرر الذي افتعلوه في السكريستيا. في لحظة ما، هبّت ريح قويّة دفعت النيران باتجاه الكنيسة مهددة إيّاها بشكل جدّي. قضت الحكمة منّا أن نخلّص زينة الكنيسة والأواني المقدّسة. تناول الأب الجليل رافائيل القربان المقدّس المحفوظ في الكنيسة، وبلمحة بصر، تمّ تجريد الكنيسة من اللوحات والتماثيل والمذابح، ولم يتمّ نقل الأثاث بهذه الطريقة السريعة من دون حصول بعض الأضرار فيه. وما زلنا نتساءل كيف لم تتطاير لوحات الكنيسة الزجاجيّة الملوّنة فيما كان هؤلاء الناس الأغبياء يحطمون خزانات الحائط الحاوية على أواني القدّاس بضربة رجل، ويقتحمون الأبواب الواقفة أمامهم. إنّ الغباوة وسوء النيّة كانت وراء قطع رؤوس المصلوب على الصلبان، ورؤوس الأشخاص العائدة لمغارة الميلاد، مع أياديهم، وصارت الشراشف والمطرّزات والملابس الكهنوتيّة عرضة لهؤلاء السُلاّب.
ماذا أقول أيضًا، أيّها الأب العزيز، سوى أنّه، في الوقت الحاضر، لم يبقَ في مركز معمورة العزيز الذي زرتموه في شهر تموز المنصرم سوى الكنيسة ومدرسة البنات. لكنّه، والحمد لله، لم نعاني وحدنا من تلك المصيبة، بل المدينة بكاملها عانت معنا، كما قيل لنا، وكنا سعداء لمعرفة ذلك. فمنذ ثمانية أيّام، وسكّان المدينة يعبّرون لنا عن تعاطفهم معنا: الأتراك والمسيحيّون، المدنيّون والعسكريّون، الكاثوليك والبروتستانت. فيما كان الحريق مستعرًا، شاهدنا مدير المعهد الألماني ينقل الماء لإطفاء الحريق، واستمرّ يعمل لمدّة ساعتين، ونحن تأثرنا بهذا الفعل. وعليك رؤية قائد الشرطة يعرّض نفسه للنار في محاولة منه لإنقاذ المؤونة. وتَعزَّينا حين رأينا قدامى المعهد، بعد أن أصبحوا دكاترة وأساتذة وتجّار، يحاولون إنقاذ “المهد” الذي يحترق، وهم مبللون بالماء، وتكسوهم الثلوج. نعم، باستطاعتنا القول إنّ الحزن عمّ الجميع، بخاصّة أنّه، هذه السنة، ارتفع عدد التلاميذ بشكل ملحوظ. لقد أعطانا الربّ هذا المعهد، وها هو الآن يأخذه منّا! ليتبارك اسمه القدّوس! غير أنّ أولاده لن تثبط عزيمتهم، وسيحاولون مواصلة أعمالهم وإنجازاتهم على الرغم من المصيبة التي حلَّت بهم.
لقد أعلمكم الأب الجليل، بواسطة البرقيّة السابقة المرسلة إليكم، أنّ التعليم في المدارس سيستمرّ، وسنفتتح الفصل الدراسي في التاسع عشر من الشهر. رتَّبنا الأوضاع بحيث تُعطى الدروس في الكنيسة، وفي صالة المسرح. أمّا الآباء، فيُقيمون الآن في الريڤو تورتو [نسبة إلى المسكن الحقير الذي كان يلجأ إليه القدّيس فرنسيس] أي في مدرسة البنات التي سيتمّ نقلها إلى مكان آخر في الأوّل من آذار. 9
1 قائمة التعيينات للعام 1910، أرشيف الكبّوشيين العامّ في روما.
2 رسالة الأب بونافنتورا البعبداتي إلى الأب العامّ، أورفا، 2 شباط 1909، أرشيف الكبّوشيين العامّ في روما.
3 رسالة الأب ليونار إلى الأب العامّ ، أورفا، 20 آذار 1912 ، أرشيف الكبّوشيين العامّ في روما.
4 رسالة الأب توما البعبداتي إلى الأب العامّ، ديار بكر ، 10 كانون الأوّل 1910، أرشيف الكبّوشيين العامّ في روما.
5 أرشيف الكبّوشيين في المطَيلب، لبنان.
6 ذكريات، الأب أتال دوسانتيتيان ، 25 آب 1928، أرشيف الكبّوشيين في المطَيلب، لبنان، ص. 11/12.
7 مجلّة “الرسول الصغير” الفرنسيسيّة، كانون الأوّل 1911، ص. 466.
8 رسالة الأب ليونار إلى الأب العامّ، معمورة العزيز، 23 كانون الأوّل 1910 ، أرشيف الكبّوشيين العامّ في روما.
9 رسالة الأب جواشان دوليون إلى الأب العامّ، معمورة العزيز، 15 شباط 1911، أرشيف الكبّوشيين العامّ في روما