الأب طوني حداد الكبّوشي، معاون طالب دعوى القدّيسين في الرهبنة الكبّوشيّة
٢٥ شباط٢٠١٥
بعد انقضاء خمسة عشر شهرًا من العمل الدؤوب لإعداد التقرير المسمّى Positio عن خادمَي الله ليونار ملكي وتوما صالح، قمتُ، في الثالث عشر من تموز العام ٢٠١٤، بإيداع المسودّة الأولى المؤلّفة من ٦٣٧ صفحة 1 .
يحتوي هذا التقرير على النصّ النهائي الذي تستلمه اللجنة التاريخيّة المسؤولة عن دعوى التطويب في الفاتيكان لتبني رأيًا عليه، فتوافق على ما جاء فيه أو تعارضه. بصفتي معاون طالب دعوى القدّيسين في الرهبنة الكبّوشيّة، قمتُ بكتابة التقرير، بالتعاون مع طالب الدعوى نفسه، الأب كارلو كالّوني، ثمّ عرضناه على الأب المشرف المعيّن من قبل الفاتيكان ، الأب فينشنزو كريسكوولو الكبّوشي، وهو أيضًا المشرف العامّ، أي المسؤول عن كلّ المشرفين الآخرين في مجمع دعوى القدّيسين. إنّه شخصيّة شديدة الدقّة، والمسؤول عن الدعاوى ذي الطابع التاريخي، كما هي دعوتنا هذه.
في تلك الأثناء، صدر كتاب جديد في روما عن سيرة حياة الأب جان أنطوان دوميلان الكبّوشي 2 ، ملقيًا الضوء على مصادر ومراجع تاريخيّة جديدة.
بسبب انهماك المشرف العامّ بدعاوى كثيرة، انتظرتُ ستة أشهر قبل أن أتلقّى رسالة بواسطة البريد الإلكتروني تُعلمني عن وجوب الحضور إلى روما للتباحث في محتوى التقرير، والإصغاء إلى الإرشادات، فتوجّهتُ على عجل، في ٢٧ كانون الثاني ٢٠١٥. وفي اليوم التالي، حصل اللقاء مع المشرف العامّ، بحضور طالب الدعوى.
آخذًا في الاعتبار ما جاء في الكتاب الجديد عن الأب جان أنطوان دوميلان، طلب الأب فينشنزو القيام بأبحاث جديدة في روما وباريس وليون. كما طلب القيام بتحويل القسم الأوّل من التقرير المتعلّق بسيرة الحياة والاستشهاد والروحانيّة ووقع الاستشهاد على عالم اليوم… إلى قسمين، واحد لكلّ من ليونار وتوما.
كنا نتمنّى تطويبهما بمناسبة المئوية هذه، لكنّ الأب فينشنزو قال بأنّ التطويب سيكون في المئويّة الثانية، فقلتُ متعجبًا:
- “أليس في العام ٢٠١٥؟”
- أجاب الأب فينشنزو: “كلاّ، حتّى العام ٢٠١٧، بمناسبة مئويّة الأب توما”.
لا جدوى من المناقشة، ولا مجال لتضييع الوقت. يجب القيام فورًا بالأبحاث الجديدة المطلوبة. وفيما كان موعد عودتي إلى لبنان في ٨ شباط، قمتُ بإطالة زيارتي إلى الخامس عشر منه.
في تلك الفترة، قمتُ بالتنقيب في أرشيف مجمع نشر الإيمان (البروباغندا فيديه)، ومجمع الكنائس الشرقيّة، وأرشيف الفاتيكان السرّي. ثمّ انتقلتُ إلى أرشيف وزارة الخارجيّة الفرنسيّة في باريس، وأرشيف عمل نشر الإيمان في ليون، وأرشيف الراهبات الفرنسيسكانيّات لونس لوسونييه في ليون، حيث قمتُ بالزيارة في عطلة نهاية الأسبوع، ثمّ عدتُ إلى روما. وبما أنّه بقي لديّ يوم واحد قبل العودة إلى لبنان، توجّهتُ إلى أرشيف الكبّوشيين العامّ الذي زرته سابقًا مرّات عديدة، حيث اكتشفتُ معلومات جديدة ومفيدة.
أثناء عمليّة التنقيب في تلك الأماكن، كان عليّ التقيّد بالمواعيد الصارمة الموضوعة لزيارة الأرشيف، والعمل بلا هوادة، والتغاضي عن تناول الطعام للاستفادة من كلّ ثانية تمرّ.
وبين كلّ تلك الأعمال والتنقلات، كان عليّ التواصل مع الآباء الفرنسيسكان في الأراضي المقدّسة، والكبّوشيين في مدينة ترنتو الإيطاليّة، سعيًا للحصول منهم على معلومات جديدة.
أين نحن الآن؟
بعد تجميع تلك المعلومات المطلوبة، يجب عليّ فرزها، ووضعها في التقرير في قسم الوثائق، واستعمال محتواها في صياغة بعض الأقسام الباقية. ثمّ تحويل القسم الأوّل من التقرير إلى قسمين، وهذا ليس عملاً سهلاً لأنّه يتطلّب إعادة كتابة هذا القسم.
بعد الفراغ من العمل المطلوب، يجب إعادة تقديمه إلى الأب المشرف. وإذا حصل على رضاه، يقدّمه بدوره إلى اللجنة التاريخيّة التي تقوم بالتصويت، بالقبول أو بالرفض. وإذا كان التصويت بالقبول، ينتقل التقرير إلى اللجنة اللاهوتيّة، ومن بعدها إلى لجنة الكرادلة، وأخيرًا إلى البابا.
لدينا عمل كبير وطويل الأمد نقوم به. وبانتظار النهاية السعيدة المرجوّة، نكتفي الآن بالاحتفال بالذكرى المئويّة الأولى لاستشهاد الأب ليونار، وذلك من خلال المساهمة في نشر سيرة حياة الأبوين ليونار وتوما، واتخاذهما مثالاً في المحن والاضطهادات، نظرًا لثباتهما في الإيمان. وبعد مائة عام، لا نزال نعاني البربريّة نفسها، وطرق الاضطهاد نفسها. باستطاعة ليونار وتوما أن يكونا لنا قدوة، ويمدّانا بالشجاعة. إنّ تجاوبكم مع هذا النداء، بالإضافة إلى إرسال رسائلكم واختباراتكم إلينا، يمكن أن يساعد في إعداد التقرير والوصول إلى خواتيم الدعوى بأسرع وقت ممكن.
1 يتألّف التقرير عادة من الأقسام الخمسة التالية: - مقدّمة عامّة - معلومات عامّة: السيرة الذاتيّة، الاستشهاد، الفضائل، وقع الاستشهاد على عالم اليوم، … - أقوال الشهود في المحكمة الكنسيّة اللاتينيّة في بيروت والتقرير التابع لها. - الوثائق. - تقارير الخبراء في التاريخ من بيروت، والفهارس والإيقونوغرافيا …
2 هو رئيس إرساليّة أرمينيا وبلاد ما بين النهرين، وبحكم مركزه هذا، كانت له علاقات واتصالات مع الأبوين ليونار وتوما. عُيّن لاحقًا قاصدًا رسوليًّا على بلاد ما بين النهرين، ثمّ رئيس أساقفة إزمير.