فضائله
  |  
الفضائل الإلهيّة
Cross

المحبّة

تخلّلت حياة الأب ليونار أعمال محبّة عديدة نعرضها فيما يلي:


1-عاش الحياة الجماعيّة في الدير
متحلّيًا بروح المحبّة الأخويّة

يقول الأب بونافنتورا البعبداتي، في إحدى رسائله، ما يلي:«أنا هنا برفقة حضرة الأب الرئيس، والأب ليونار البعبداتي، والأب أتناسيوس، والأخ الحبيب روفائيل من الموصل، وذلك منذ سنة ونيّف. إنّهم من المرسَلين الشباب الممتازين. وبالفعل، لا يمكن للمرء أن يكون له رفقة أفضل من هذه، لأنّ المحبّة الكاملة تسود فيما بيننا. نتفاهم مع بعضنا البعض بشكل كامل، ويقوم كلّ واحد منّا بواجباته اليوميّة، أكانت في الكنيسة، أم مع الأولاد في المآوي أو في مدرسة الصبيان التي يتولّى إدارتها الأب ليونار وهو يقوم بواجباته على أكمل ما يُرام.» 1

وجاء في رسالة أخرى من رئيس الإرساليّة إلى الأب العامّ ما يلي:«كان العام 1906  عامًا مباركًا على الإرساليّات التي انضمّ إليها خمسة مرسَلين جدد من الكهنة الشباب الغيورين، سدّوا النقص الذي كنّا نعاني منه.  يرتبط الآباء والإخوة برباط المحبّة الخالصة، وكلّهم يعملون بغيرة رسوليّة وتفاني. استلم الأب ليونار البعبداتي إدارة المدرسة في ماردين، وهي على ازدهار مستمرّ.» 2

2- ضحّى الأب ليونار بذاته إلى أقصى الحدود

أعظم ما قام به الأب ليونار من فعل محبّة هو الموقف الذي اتخذه من رفيقه في الدير، الشيخ الوقور، الأب دانيال الكبّوشي، لَمّا رفض مغادرة الدير وإنقاذ حياته، وإبقاء الأب دانيال فيه. حول هذا الموقف، يكتب الأب كولومبان دوجيروماني ، فيقول: «اعتاد هذا الراهب [الأب دانيال] على عيشة متوحدة وحزينة. ينزوي باستمرار في غرفته، ولا يهتمّ برفيقه في الدير، ولا بالمؤمنين، كما أنّه لا وجود لهم. يزداد وضعه سوءًا، حين يُضاف إليه طباعه الصعبة والمعقدة، ما يجعل منه شخصًا صعب التواصل معه. يبقى أيّامًا بكاملها يلتزم فيها الصمت المطلق. باستطاعتكم معرفة ما حلّ بالحياة المشتركة فيما بيننا مع شخص بهذه الطباع.» 3

لم نقدّم هذه التفاصيل لإنحاء اللائمة على هذا الشيخ المسكين. نريد فقط تبيان بطولة الأب ليونار لَمّا اتخذ موقف البقاء معه. فمع أنّ الأب ليونار كان مدعوًّا للالتحاق بزملائه في ديار بكر، وكان جهّز نفسه لمغادرة الدير، لأنّه «لا يريد الموت على أيدي هؤلاء المتوحشين»، كما قال للأب بونافنتورا البعبداتي، لكنّه آثر البقاء مع رفيقه الشيخ الذي لا يقوى على الانتقال من مكان إلى آخر. كان الأب ليونار يعرف أنّه، نتيجة هذا القرار، سيُلقى القبض عليه يومًا ما، وسيُلاقي مصير من سبقه. لقد قام الأب ليونار بالتوقيع على قرار قتله، برضاه، لكنّه فاز بإكليل الاستشهاد، وقدّم شهادة عظيمة عن المحبّة الأخويّة. 4

3- قام الأب ليونار برسالته بلا كلل ولا ملل، ساعيًا إلى خلاص النفوس

تتلخّص حياة الأب ليونار بكلمة واحدة فقط: إنّه الرسول الذي لا يتعب، يجاهد في تتميم المهمّات الموكولة إليه من قبل رؤسائه، وذلك منذ تعيينه في ماردين، مركزه الأوّل، فكان في الوقت نفسه:

•مرشد رهبنة مار فرنسيس الثالثة للعلمانيين التي كانت مزدهرة في تلك الأيّام.
• مرشد «حرس شرف القلب الأقدس».
• مدير المدرسة التي فيها ألف تلميذ، وأستاذ الموسيقى واللغة الفرنسيّة.
•مقدّم المحاضرات والعظات المتعدّدة.
•خادم سرّ التوبة، في زمن كان المؤمنون يلجأون إلى كرسي الاعتراف بكثرة.
• استاذ التعليم المسيحي في مدرسة الصبيان. 5

«أنا، حاليًّا، كما في السابق، أقوم بالخدمة المقدّسة، وتربية الأولاد الذين يأتون إلى مدرستنا بأعدادٍ كبيرة. يبلغ عدد تلامذتنا حوالي الألف من الذكور والإناث. غالبًا ما أقوم بالوعظ للشعب، وأؤمّن الأحاديث الشهريّة للرهبنة الثالثة التي يزيد عدد أفرادها على ٤٠٠، وأقضي ساعاتٍ طويلة في كرسيّ الاعتراف، أيّام الآحاد والأعياد.» 6

وعلاوة على ذلك، أراد الأب ليونار توظيف موهبته الموسيقيّة التي يعترف بها رفيقه في الدير ويقول: «للمرّة الأولى، تمّ ترتيل صلوات الغروب الاحتفاليّة، تبعها زياح القربان المقدّس». 7

وبما أنّ الأب ليونار كان مديرًا للمدرسة، حرص على إيلاء التعليم المسيحي أهميّة خاصّة، كما يقول الأب بونافنتورا البعبداتي: «عند الصباح، وقبل البدء بإعطاء الدروس، كان التلاميذ [المسيحيّون فقط] يشاركون في الذبيحة الإلهيّة، ويصلّون مع بعضهم البعض. وعند المساء، يتوجّهون إلى الكنيسة لتلاوة صلاة الورديّة بالتناوب مع تلاميذ الراهبات الفرنسيسيّات.» 8

4- تحلّى الأب ليونار بغيرة رسوليّة خلاّقة حبًّا بتلاميذ مدرسته

في مسيرته الرسوليّة، خرج الأب ليونار عن الرتابة والتقاليد البالية، واعتمد أساليب جديدة يجذب بها التلاميذ، ويجعلهم يحبّون دروس التعليم المسيحي. نشّط الروايات المسرحيّة، واستعمل الأسهم الناريّة والمفرقعات في الاحتفالات، وأقام امتحانات آخر السنة في العلن، بحضور الضيوف من جميع الطوائف، في باحة ارتفعت فيها صورة كبيرة للبابا بيوس العاشر. والأفضل من ذلك كلّه، ابتكر أمرًا لم يكن معروفًا في بلاد ما بين النهرين كلّها، يقول عنه في إحدى رسائله ما يلي: «في فترة الفصح، كلّفتُ أحدهم بخياطة لباسٍ موحَّد لأولادنا، يرتدونه في الآحاد والأعياد فقط… إنّه لأمر رائع وفريد، في هذه الناحية من بلاد ما بين النهرين، أن ترى عددًا كبيرًا من الأولاد يرتدون لباسًا موحَّدًا جميلاً، ويحضرون جميع الاحتفالات الدينيّة في كنيستنا، ويتقدمون معًا إلى المائدة الملائكيّة، في كلّ الأعياد.» 9

وقمّة ما قام به الأب ليونار من ابتكارات حصل بمناسبة الاحتفال بالذكرى المئوية السابعة لتأسيس رهبنة مار فرنسيس الثالثة للعلمانيين. بصفته مرشد الرهبنة في ماردين، حرص على تنظيم نشاطات الثلاثيّة التي تسبق الاحتفال، ما أثار إعجاب زميله، الأب سيليستان دوديزيو، فيقول: «كان احتفال المناولة الأولى الذي شارك فيه ماية وعشرة أولاد، من الصبيان والبنات، هو من أجمل الاحتفالات التي أفرحت قلوبنا. وفي عيد خميس الجسد، شارك حوالي ستة آلاف شخص في الزياح. كان هذا انتصارًا كبيرًا بالنسبة إلينا». 10

1 رسالة الأب بونافنتورا البعبداتي إلى الأب العامّ، أورفا،4  كانون الثاني 1913، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما. 2 رسالة الأب رافائيل ديزيتابل إلى الأب العامّ، معمورة العزيز،10  كانون الثاني 1907، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما. 3 رسالة الأب كولومبان ديجيروماني إلى الأب العامّ، ديار بكر، 15 كانون الأوّل 1909، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما. 4   تقرير الأب بونافنتورا البعبداتي. 5   رسالة الأب ليونار إلى الأب العامّ، ماردين،11  كانون الأوّل 1906، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما. 6   رسالة الأب ليونار إلى الأب العامّ، ماردين، 29 كانون الأوّل 1909، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما. 7 رسالة الأب سيليستان دو ديزيو إلى الأب العامّ، ماردين، 16 كانون الأوّل 1909، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما. 8 رسالة الأب بونافنتورا إلى الأب العامّ، أورفا،  27 كانون الثاني 1907، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما. 9   رسالة الأب ليونار إلى الأب العامّ، ماردين، 7 آب 1907، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما. 10 رسالة الأب سيليستان دوديزيو  إلى الأب العامّ، ماردين،  16 كانون الأوّل 1909، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما.

شارك:
Facebook
تويتر
إطبع
Go To Top
انتقل إلى أعلى الصفحة
الفصل السابق

الرجاء

الرجاء

Previous Chapter
Go To Top
متابعة القراءة
...ومرّة أخرى، يـَـتـلـطَّـخ الثوب الفرنسيسي بدم الشهداء...
LeonardMelki
© فارس ملكي 2013