لا نملك معلومات دقيقة عن التزام العفّة عند الأب ليونار، وليست لدينا أيّ إشارة أو معلومة عن مخالفته نذر العفّة. لكنّنا نلاحظ أنّه، بحسب عادات تلك الزمان، ومفهوم العفّة والطهارة السائد، عمل الأب ليونار ورفاقه الكبّوشيين على فصل الصبيان والفتيات في مدرستين مختلفتين، مقتنعين بتوجيهات المطران مالويان ، لأنّ وجودهما معًا، كما في المدارس البروتستانتيّة، هو علامة منافية للأخلاق الحميدة.
يقول المطران مالويان : «يذهب الكاثوليك إلى تلك المدارس [البروتستانتيّة] لتحصيل العلم على حساب إيمانهم وأخلاقيّاتهم… يتردّد الكثير من الشباب الكاثوليكي إلى تلك المدرسة حيث الجنسين يتواجدان معًا في الصفّ ذاته، معرّضين أنفسهم إلى خطر الضياع والهلاك. أيّة فضيحة هذه! وأيّ فساد! وأيّ أخلاق عاطلة!» 1
أمّا الأب توما صالح البعبداتي الكبّوشي، فإنّه يرى في النوادي التي شكلتها الحكومة، مكانًا خصبًا للإلحاد والفلتان الأخلاقي، فيقول: «إنّ الحريّة التي تعطيها الحكومة التركيّة إلى الشعب أصبحت سمًّا له. لم يكن الشعب جاهزًا بعد لفهم هذه الحريّة المعلنة ولتقبلها. لقد مُنحت فجأة وبسرعة لكي تساعد الشعب على التقدّم. لكنّها صارت له مصيبة كبرى. إنّ الظروف الماديّة والأخلاقيّة المحيطة بحياة الشعب وتربيته، لم تؤهله لتقبّلها. لذلك، سيقع المسيحيّون المتحمسون ضحايا الحريّات المعطاة لهم. إنّهم يؤسّسون النوادي، وبدون أيّ حياء، ينغمسون في الإلحاد، وبالتالي، في الفساد الأخلاقي.» 2
ينبّه الأب جان باتيست دوكاستروجيوڤاني الكبّوشي من حالة الفجور التي تزداد عند «المنشقّين»، أيّ البروتستانت واليعاقبة، ويثني على وعي الكاثوليك، فيقول: «بعد إعلان الدستور الجديد، انتشرت حالة الفجور واللامبالاة الدينيّة بين جميع الكنائس المسيحيّة. لكنّ هذا الانتشار بقي محدودًا عند الكاثوليك، بخلاف ما يحصل عند المنشقّين الذين قاموا بتشكيل النوادي الملحدة التي لا تعترف بأيّ دين كان، وتعطي المحاضرات المعادية للدين، والمنافية للأخلاق، وتنظّم المهرجانات التي تجذب الناس، من أيّ جنس كانوا، ومهما كان عمرهم، يشارك فيها، ليس فقط المنشقّون أنفسهم، بل أيضًا الكاثوليك البسطاء الذين يأتون بدافع الفضول. إنّ الإكليروس الكاثوليكي في حالة تأهّب، والحمد لله، ويفعل كل ما بوسعه لإبعاد رعيّته.» 3
تجاه هذا الوضع الأخلاقي المتردّي، أَجمع الكاثوليك على موقف واحد مشترك، عبّر عنه الأب لودوڤيك دار d'Eurre الكبّوشي كما يلي: «إنّ الحالة ليست على ما يُرام في تركيا، ولكن هناك نفوس يجب علينا إنقاذها من الهلاك الأبدي، وهذا يكفينا». 4
1 تقرير المطران مالويان إلى الكردينال غوتي، رئيس مجمع الإيمان المقدّس، روما، 25 تشرين الأوّل 1911.
2 رسالة الأب توما صالح إلى الأب العامّ، ديار بكر، 10 كانون الأوّل 1910، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما.
3 رسالة الأب جان باتيست دوكاستروجيوڤاني إلى الأب العامّ، ديار بكر، 13 كانون الأوّل 1910، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما.
4 رسالة الأب لودوڤيك دار إلى الأب العامّ، خربوط، 13 كانون الأوّل 1910، أرشيڤ الكبّوشيين العامّ في روما.