وُلد عبدو حنّا بِزْر في تلّ أرمن، بجوار ماردين، من عائلة أرمنيّة كاثوليكيّة، في العام 1895، وتوفّي في القامشلي-سوريا في آب 1989. كان في العشرين من عمره لَمّا بدأت المجازر في ماردين، عضوًا في حزب الأرمن، فتمّ توقيفه 4 مرّات، وأُخلي سبيله في المرّات الأربع، كما قال في شهادته أمام لجنة التحقيق في دعوى تطويب المطران مالويان .
يروي عبدو بزر ما شاهده شخصيًّا من فصول المجازر في ماردين وغيرها من مدن الجوار، وما نقله إليه الذين «كانوا يشرفون على المظالم»، وقد حرص على تسميتهم بالإسم مع التاريخ الذين أعطوا شهادتهم وهم:
- نوري الأنصاري ومحمد شَيخو عَبّاره، السجّانان المسؤولان عن المطران مالويان والأب ليونار في قلعة ماردين (7 حزيران 1915 و 1917).
- الطبيب الشرعي الذي عاين جثمان المطران مالويان وأَفشى بتقريره إلى المطران تبوني (1915).
- عبد العزيز، إبن المُـلَّا محمود غرغيره، الشرطي في بلديّة تلّ أرمن، والعنصر في ميليشيا الخمسين التي اقتادت قافلة الأب ليونار (1915).
- يوسف علي كنجي، الجندي الذي شارك في تعذيب الأب حنا شوحا الكلداني (1917).
- درويش، كردي من قرية عبد الأمام حيث جرت مجزرة نساء ماردين (1918).
تتميّز شهادة عبدو بزر بأنّها مكتوبة بأسلوب قديم فيه الكثير من الترداد، وبلغة قريبة من اللهجة الماردينيّة وبعيدة عن العربيّة الفصيحة، وتُقسم إلى قسمين: يتكلّم الأوّل عن مصائب الأرمن، والثاني عن السريان الكاثوليك. وبما أنّ النصّ الأصلي كُتب بطريقة غير منهجيّة، تكرَّرت فيها العناوين وأرقام الفصول، عملنا على إعادة تبويب المحتوى، وتعديل بعض العناوين، تسهيلاً لفهم النصّ. على مَن يرغب الاطلاع على النصّ الأصلي مع تشابكاته، العودة إلى ما نقله وحقَّقه الأب فيكتور مستريح، الراهب الفرنسيسكاني. 1
ترتدي شهادة عبدو بِـزْر قيمة هامّة، نظرًا لما تحتويه من معلومات موثوقة تلقي الضوء على استشهاد الأب ليونار ورفاقه في ماردين، وغيرهم من المسيحيين في المدن الأخرى، لذلك ننقلها فيما يلي بالكامل.
ذكـريـــــــــــــات عـن مـــــــارديــــــــــــــن
من تأليف ع. ب. من أهالي ماردين، مواليد 1883 2
القسم الأوّل: نــكــبـــــات الأرمــــــن
يحتوي الكتاب ما شاهدت أمام عينيّ شخصيًّا، وما نقله إليّ الأشخاص الذين كانوا يشرفون على المظالم ونكبة المسيحيّة في ماردين. المظالم والتعدّي سنة 1915. ع. ب.
من عهد الملك محمد رشاد العثماني التركي الذي حكم 1910 لحدّ سنة 1916. آخر ملوك بني عثمان وهو وحيد الدين، وفي سنة 1919 سقوط ملكوته واستلم الحكم كمال أتاترك.
أولاً: إشارة قبل الحرب العظمى سنة 1907 و 1908 . ظهرت في السماء نجمة واحدة على شكل نجم عادي، وكانت النجمة المذكورة لها ذيل بقدر عشرين متر طوله. وكان شعاع الذيل يظهر كالنجوم، وما زالت تُذكر سنة «نجمة العصعوص». وكانت راكزة في شمال وغرب ماردين وجميع بلاد تركيا.
ثانيًا: سنة 1914 ، في شهر آب، شاهد العالم بعد الظهر لقد زال النهار وظهر الليل، وظهرت النجوم، وكان سواد الليل عاديا، ودام من بعد الظهر لحد بعد العصر. وبعد ذلك فورا، ظهر النهار عاديا، وظهرت الشمس. لقد دلت على الحرب العظمى سنة 1914. وبعد الاشارة ظلام الليل. 1914 في شهر آب، اعلنت حكومة الترك الحرب وجمعت عسكر الاحتياط إلى الجهاد، كل من يقدر. العمر 20/25/30. وتمّ سوقهم الى جبهة روسيا امام العدو .
ثالثًا: اصف ماذا كانت ماردين قبل الحرب سنة 1914، وما كان شبهها وما كانت أعمالها.
معلوم لدى العالم انّ ماردين كانت بلدا لا يعرف شيئا من الخراب، وكانت فيها تجارة وصناعة، وكانوا يحبون الأمن والسلام والعمار. وكانت التجارة والصنائع بيد المسيحيين. ومن جملة رؤساء التجّار أكثرهم كان لهم مراكز. مراكز في حلب ومصر وارزروم وجزيرة عمر الخطاب ونصيبين.
ونذكر كان شعب ماردين، مسلمين ومسيحيين، مخلصين بمحبة وبيع وشرا. وكان المسيحيون يملكون شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، املاكا وقرى وبساتين وكروما وما أشبه ذلك. وما كانوا يفكّرون ان اخوانهم بالوطن والدم يظهر منهم ايّ تعدّ. ومع ذلك طعنوا بالمسيحيين في أملاك شعب ماردين. شالوا رحمة الرب، وفتكوا فتكا لا يوصف.
رابعًا: ماذا كانت عمارات ماردين.
عمارات ماردين من حجر منحوت ومنقوش نقش يد فني لا يتصوّر الانسان من كثرة الاشكال. وكانت البيوت تعد ثلاثة وطابقين وطابقا. ولا اقدر اميّز بيت فلان او فلان. ولا زال حين التاريخ من جيل وجيل لا يزول. وفي سنة 1915 اصابت الفاجعة والهجر وتركوا بيوتهم وما يملكون من غالٍ ورخيص.
ونأتي بذكر المصايب. المصايب التي لاقاها الشعب المسيحي سنة 1915.
خامسًا: ماذا كان عدد سكان ماردين سنة 1915 ؟
1600 عائلة طايفة الأرمن الكاثوليك
1200 عائلة سريان قديم
450 عائلة سريان كاثوليك
200 عائلة كلدان
75 عائلة انجيليون بروتستانت
45 عائلة لاتين
3570 عائلة المجموع
700 عائلة قرية تل ارمن
4270 عائلة المجموع
القرى المجاورة الى ماردين
350 عائلة قلعة مرأة سريان كاثوليك 3 كيلومتر عن ماردين
550 عائلة الكولية سريان كاثوليك 5 كيلومتر عن ماردين
400 عائلة المنصورية 3 كيلومتر عن ماردين
120 عائلة بنابيل 6 كيلومتر عن ماردين
50 عائلة رشمل وقبالة 9 كيلومتر عن ماردين
30 عائلة بكيري 35 كيلومتر عن ماردين
120 عائلة دارا 23 كيلومتر عن ماردين
60 عائلة ابراهيمية
1680
30 عائلة جفتلك
1710
70 عائلة عوينة
1780
بدون رحمة، واستعملوا كل شيء الذي لم يرض عند الله، وشّردوا عيالهم تحت القتل والسبي وكل نوع العذاب، والمذابح شملت جميع بلاد تركيا، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا. وسنأتي بذكر المذابح التي جرت في كل بلد، من ذبح وقتل وتشريد المسيحيين بدون رحمة.
1- مبدأ المظالم على الأرمن، نيسان سنة1915 ، امتدّت إلى ماردين في أول أيّار 1915
مبدأ القتل بالمفرد في ماردين، من أيّار لحد حزيران 30/1915.
أوّل قتيل: بحدي كَوكَى في عقبة الفرس، على يد علي جاويش.
ثاني قتيل: ابن مكَلش امام بيت الكندير في ماردين.
ثالث قتيل: كربو بن مقدسي حنا دوم في جبل عفص.
رابع قتيل: يوسف نهبيا داخل البلدة. وكانت حكومة الترك تغضّ النظر، ولم تراقب المجرمين، والذي يراجع الحكومة لم يسمعوا له.
لقد القوا القبض على يوسف بن جير الكندير، وهو شابّ وحيد والده. حينما القوا القبض ربطوه بالحبال في رقبته، وربطوا الحبال في سطح داره، وزتوه وبقي معلّقا ومات خنقا. شاهدت الوالدة ذلك.
خامس قتيل: داود بن حنا جنانجي، الملقب ابن سوسي، الذي كان مع محمد شريف المدلكاني شريكا في أملاك بستان وكروم. في 20 أيّار، المذكور محمد شريف لقد زوّر اوراق بيع وشرا واستلام الحقوق، ولا يحقّ لداود المراجعة في اية دائرة. ومع ذلك، المذكور محمد شريف طلب شريكه الى داره. وفعلا انوجد داود في دار شريكه. وبعد مدة قصيرة، محمد شريف اظهر الأوراق المزورة التي بها بيع وشرا وتسليم المبلغ. وقال: «اريد انك توافق انك بعت البستان والكرم واستلمت حقوقك، ولا تحق المراجعة في دوائر الحكومة». المذكور محمد شريف اظهر الصّك وقال: «ان لم توافق سيكون قتلك». لقد تنازل مع التوقيع: «اني بعت واستلمت حقوقي عن البستان والكرم، ولا تحق المراجعة في اية دائرة من دوائر الحكومة». والمذكور محمد شريف قدّم ثلاثة شهود وشهدوا عن لسان داود وتمّ كل شيء.
وبعد ذلك، لقد أنزل داود الى مقرّ الغنم، وقتله خنقا. وبعد نصف ذلك الليل، لقد وضع الجثة داخل جوال، وزته امام بيته. وفي وجه الصباح، افاقت والدته وشاهدت الجوال قدّام الدار، ونزلت حتّى تشاهد ما هو، وفكّت الجوال تشاهد ابنها داود. وكانت تصرخ وفاقت الناس وتجمعت. وحالا اخبروا الشرطة. وفي حضور الشرطة، لقد حضر مدير التحقيق، وشاهد الجريمة، وطلب من الوالدة سوسي ان تؤدّي هل لها علم بشيء عن الحادث. أفادت والدته: «أعلم أنّ داود أبلغني: اني سأكون عند شريكنا محمد شريف. وفعلا قتله وهو القاتل». رئيس التحقيق قال:«سنحقق». ولم يجرِ تحقيق.
كان الخواجا رافيل كسبو تاجرا معروفا ذا رأس مال، وكان مقدرّا بين الشعب، وكان صديقا لخضر جلبي. والمذكور رافيل كان يطالب بمبلغ يقدّر. وكان قسم من أملاك المذكور خضر جلبي الكوملي مرهونا عند المذكور رافيل كسبو. وفي مبدأ المظالم على الشعب المسيحي، المذكور خضر الكوملي كان صاحب نفوذ. لقد القوا القبض على رافيل كسبو في دائرة الشرطة، بعلم خضر كوملي. وحينما صار علم بذلك وحالا حضر الى دائرة الشرطة، واخلى سبيل رافيل، واخذه عنده. وفي وجودهما في دار خضر جلبي، لقد طلب من المذكور رافيل ابراء جميع الحقوق مع سندات التمليك المرهونة عندك. المذكور تعاهد بالمحافظة على جميع عائلات الكسبو من قتل وتهجير العائلات. وفعلا وافق المذكور رافيل، وأسقط جميع المطاليب، وفكّ الأملاك عن الرهن، وتمّ كل ما يرغب. الخائن وقليل المروءة والوجدان ابلغ رافايل:«كن براحة البال». وبعد مدة قصيرة، القوا القبض على رافيل في السجن المعد لشمل المسيحيين.
2- نذكر العمل الذي لم يرض عنه الله: بيت عبد القادر حاج كَوزي الذي جرى بحقّ عائلة بيت عمسيح نجيم.
كانت عائلة نجيم وبيت حاج كوزي اصدقاء ومخلصين جداً جداً. وكانوا يؤمّنونهم انهم يحافظون عليهم في أثناء القبض على رجال المسيحيين. لقد القوا القبض على عمسيح نجيم، ولا احد من اصدقائهم بيت الكوزي راجع بذلك. وبعد سوق الرجال وقتلهم، لقد حضر شاكر بك بن عبد القادر الكوزي عند عائلة انجيم، واعتذر وقال:«مع الاسف لقد القوا القبض على قريبنا، وما كنا موجودين. لقد اخذت علما حقيقيا ان الحكومة تهجّر عائلات الأرمن، واني جئت آخذكم عندنا لتكونوا مؤمّنين».
فعلا وافقت عائلة نجيم لأنها حسب فكرها انهم مخلصون. فعلا أخذت أولادها اثنين بالعمر 8/و9 سنوات وراحت برفقته. وبعد ذلك سلمت مفاتيح الدكان والبيت الى شاكر بك، وجلب جميع ما يملكون من الدكان، وجميع أثاث البيت. وفي مدة ثلاثة أيام، شاكر بك ابلغ عائلة قريبه التي هي مع اولادها عندهم وقال:«يا قريبتي نخاف ان احدا يخبر الحكومة بوجودكم. سأرسلكم الى البستان لتكونوا هناك». الجواب: «انك تعرف بما نريد». فعلا أرسلها وحدها، وثاني يوم سيرسل أولادها.
وبعد سفر العائلة ذات الليل لقد قتل اولادها داخل بيته، وصار علم عن قتل الأولاد عند اهل الحارة، اسلاما ومسيحيين. وكان اهالي الحارة ينادون بصوت عال:«يا ناس ان بيت الباشا قتلوا أقاربهم داخل الدار.» وفي نفس الليل شالوا جثتهم وزتوهم خارج البلدة مكان المسمّى… قرب المسلخ.
وناتي عند الوالدة، وهي بانتظار ولدَيها، وليس عندها علم بما جرى، وتفكّر. لقد طلبت الرجوع الى ماردين وفي حضورها أفادوا: «إنّ الولدين اليوم سافرا إلى البستان. إنّك جئت من طريق، وهما راحا غير طريق. غدًا نرسلك عندهما». وفعلاً ذات النهار قتلوها، وزتّوا الجثّة على جثّتي ولدَيها. بماذا تحاسبون ربّكم يا قليلي المروءة والوجدان يوم الربّ؟! وجرى مثل هذا الحادث أكثر وأكثر من قساوة قلوبهم.
3- تركيا تعلن الحرب
معلوم لدى التاريخ حوادث الحرب العظمى 1914 وما أصاب شمل المسيحيين من حدود إيران وروسيا إلى جميع بلاد تركيا، بالخصوص مناطق الأرمن.
أعلنت تركيا الحرب سنة 1914، في شهر آب، ودقّت الطبول، وجمعت عسكرًا من عمر 20/25/35 سنة. وتقدّم الشعب إلى دائرة التجنيد كالخراف. وفعلاً تمّ سوقهم إلى الجبهة أمام روسيا. وفي تشرين 1914، انضمّت تركيا مع ألمانيا و النمسا وإيطاليا، وخاضت الحرب مع روسيا. وكانت جيوش الترك تُعدّ بألوف الألوف. وبعد كلّ الحروب، لقد فازت جيوش روسيا على جيوش تركيا وعداتها الحربيّة، وتراجعت بالهزيمة، وجيوش روسيا احتلّت بلاد تركيا لحدّ بلدة بدليس. وبعدما تراجعت جيوش تركيا، رابطوا في مناطق الأرمن، وهي أرزروم وبلدة وان لحدّ ديار بكر. وكانت سنة 1915. وفي نيسان نسبوا الخيانة إلى شعب الأرمن.
أولاً الأتراك سنّوا سيوفهم بحقّ الشعب الأرمني، وجرى الظلم بدون رحمة وشفقة. أبادوا الشعب بالقتل صغير وكبير، وهجّروا العائلات من بيوتها مع اتفاق الأكراد. لقد أبادوا العائلات بالسبي والقتل بغير رحمة، وشملوا قتل المسيحيين من سريان وكاثوليك وكلدان وروم وانجيليين بروتستان وكلّ مَن هو مسيحي، من حدود إيران إلى دشد ديار بكر. أبادوا المسيحيين تحت قتل شنيع من كلّ جنس العذاب بدون رحمة، صغير وكبير.
ملاحظة: أولاً الأتراك في أوّل الأمر كانوا أعفوا عن التعدّي على السريان وأمّنوهم: “إنّكم السريان نحترمكم ونحترم صكّ الوصيّة الذي لديكم من ملوك بني عثمان ومن المحترم عمر بن الخطاب الذي نحترم شريعتكم وتقاليد آبائكم مع احترام القسوس والرهبان”.
مع كلّ الوعد، أولياء الأتراك مدّوا قوى حربيّة إلى زعماء الأكراد وغير الأكراد، وسمحوا بقتل شمل المسيحيين، صغير وكبير، بقتل شنيع و «لا ترحموا أبدًا أبدًا». فعلا تمّ أكثر قتل المسيحيين على يد الأتراك والأكراد وجرى الشيء الذي لم يرض عنه الله. وفعلاً أبادوا شمل المسيحيين من حدود أرزروم إلى دشد ديار بكر وكذا إلى جبال طور عابدين. وسنأتي بذكر ما جرى وجرى عن قسم من الدفاع عن أرواحهم في قرى طور عابدين مثل عين ورد وآزخ وبنابيل.
4- عن ماردين وأطرافها
في أوّل كانون الثاني سنة 1915 كلّفت الحكومة وفدًا من خمسة أشخاص وعلى رأسهم رئيس ملقّب بمحمد أفندي كنوبشو، يهاجم بيوت المسيحيين، يستولي على جميع الأرزاق الموجودة عندهم باسم معونة إلى الجيش. وفعلاً أخذوا جميع الأرزاق، من دقيق وحنطة وعدس وبرغل وما أشبه ذلك، ولا تركوا إلى صاحب العائلة إعاشة. خمسة أيّام وكانوا يتصرّفون بما يريدون. وكان الأمر على المسيحيين فقط. أوّل ظلم.
5- ظلم ثانٍ على عائلات المسيحيين
شكّلت الحكومة لجنة من نوري الأنصاري وفؤاد كرجيه ومحمد كنوبشو ليهاجموا عائلات المسيحيين، وينسبوا لهم أنّ رجالكم فرّوا من جبهة الحرب مع سلاحهم. وكان ما ينسبونه إلى العائلات مزوّرًا وليس حقيقيًّا. وكانوا يستعملون قساوة القلوب ويبدأون بضرب النساء بدون رحمة وشفقة. وكان يجري الدم من جسمهم ويصرخون إلى الله. الجواب من الظالمين: «يأتي الله ومسيحكم يخلّصكم». ودام هذا التعدّي شهرين كاملين على أهالي ماردين. المكلّفون شالوا رحمة الربّ من قلوبهم، وهم قليلو المروءة والوجدان.
6- مبادئ الظلم على طائفة أرمن ماردين
سنة 1915 في شهر نيسان الأتراك شكّلوا محكمة باسم فتك وقتل وتشريد وهجر ومحو الأرمن عن بكرة أبيهم في ديار بكر. وفعلاً أبادوا الأرمن عن بكرة أبيهم، من حدود أرزروم إلى ديار بكر. وشملوا شمل المسيحيين في المذابح ومن كلّ نوع العذاب. وحكومة الفتك في ديار بكر أرسلت وفدًا لا يخاف الله، وعلى رأسهم الظالم ممدوح، وهو من أهالي ديار بكر، حتّى يدبّر مؤامرة بحقّ أرمن ماردين. وفي حضور الوفد إلى ماردين، لقد طلبوا قسمًا من أهالي ماردين الذين لهم نفوذ في البلدة. وفعلاً تقدّم كلّ من هو جلبي وبك وآغا. وكانت أوّل جلسة بوجود المتنفذين ورؤساء البلدة. لقد تحدّث الظالم ممدوح عن المهمّة التي انوجدوا من أجلها، وطلب اليمين الصادقة أنّ أحدًا لا يظهر السرّ والمهمّة. وأظهر أوراقًا مزوّرة: أن توافقوا على الفتك بأرمن ماردين، وتشهدوا على أنّ شبابهم ومطرانهم مالويان لهم مراجعة مع فرنسا وبريطانيا وروسيا وأنّهم قدّموا لهم قوّة حربيّة حتّى يقاوموا في ماردين. وفعلاً تمّت الموافقة بما يريد الظالم: أنّ شباب الأرمن مع رئيسهم مالويان لهم مراجعة مع فرنسا وبريطانيا وروسيا وقد وفّروا لهم قوى حربيّة وهي بواريد ورشاشات ومفرقعات. وفعلاً الجميع حلفوا اليمين على أن لا أحد يظهر السرّ. وبعدما كملت المشاورات مع الأشراف وختم كلّ ما أراد، لقد وقّعوا على الأوراق بما طلب.
الموجودون في الجلسة وهم من زعماء ماردين: الشيخ نور وطاهر الأنصاري وفؤاد كرجيه وخضر جلبي كوملي، عبد الرحمان القواص، أولاد عبد القادر باشا الكوزي 4، أيوب بك المليه، عبد الغني الأنصاري، حاج فارس، حاج كرمو وغيرهم. أوصا إبن محمد سعيد المشكيوي ورؤساء العشائر.
وفعلاً سافر الوفد إلى ديار بكر، وقدّم الأوراق إلى المحكمة المختصّة بالفتك. لقد وافقت المحكمة على الفتك والقتل وهجر العائلات من ماردين بدون رحمة. فعلاً والأتراك خصّصوا ممدوح بك كورانلي للرجوع إلى ماردين على أن يكون مطلق الحريّة، يفعل ما يشاء من قتل وهجر وتشريد بدون رحمة. محكمة ديار بكر أسندت إليه. وفعلاً استلم أوراق الاستناد وفعلاً رجع ماردين أيار 10، 1915.
7- رجوع ممدوح كورانلي إلى ماردين، أيّار 10، 1915
فعلاً طلب جلسة مع الذين وافقوا معه وهم أشراف البلدة، وأظهر كيف يكون قتل رجال الأرمن مع مطرانهم مالويان والقسوس، وهجر العائلات بدون رحمة وشفقة. وطلب من الموجودين: «إنّكم لا ترحموا أحدًا لا من صديق ولا من معروف ولا تحاموا عن أحد أبدًا». وفعلاً طلب منهم أنّه سيشكّل عسكرًا باسم الخمسين. وطلب منهم: «كلّ واحد منكم عنده رجال لا يعرفون الرحمة، يكونون قساة القلوب، يكونون ظالمين بدون رحمة، حتّى نشكّل عسكرًا باسم عسكر الخمسين، لأجل الفتك بالأرمن رجالاً ونساءً وهجر العائلات.»
8- مَن شكّل عسكر الخمسين المعدّ للفتك بالمسيحيين
زعماء عسكر الخمسين هم الشيخ نوري الأنصاري وطاهر الأنصاري وفؤاد كرجيه الذي كان رئيس شرطة الذين مرّ اسمهم. كانوا يعدّون أنفسهم أصدقاء وأتقياء لأنّهم من الشيوخ، ويعرفون الخير من الشرّ. لقد شالوا رحمة الربّ، وتعبّدوا لأفكار الشيطان، وتعاملوا بأعمال ليست ترضي الله. وجرى على يدهم كلّ قبيح من كلّ شيء. يا ويلكم بماذا تحاسبون ربّكم؟! لأنّكم سابقًا تعدّون أنفسكم أنّكم تعرفون كلام الربّ والكتب المقدّسة وهي التوراة والإنجيل والقرآن. وفعلاً الثلاثة ترفضكم يوم الربّ.
وفعلاً زعماء ماردين قدّموا رجالهم الذين يعرفونهم ليس عندهم رحمة وشفقة، ولا يخافون من الربّ. ومقدار الجنود خمسماية جندي. والحكومة أسندت لهم حمل السلاح داخل البلدة. وكانوا يراقبون رجال المسيحيين كي لا يطلعوا خارج البلدة. لقد جرى علم المسيحيين عن كلّ ما سيجري. وفعلاً الخواجا رافيل كندير، المعروف والمقدّر عندهم، شاهَدَ المجلس. لقد كتموا السرّ، ودارَ الحديث. وفعلاً صار علم عند المطران مالويان بما سيجري.
وكان زعماء ماردين الذين وافقوا على الفتك بالأرمن كلّ يوم يتردّدون على أصدقائهم المسيحيين بقولهم: «نحن إخوان، تراب ودم واحد، لا تفكروا بشيء».
9- ممدوح يحتلّ بيت الخواجا يونان
أولاً ممدوح بك قد احتلّ بيت الخواجا يونان مقرًّا له ودائمًا عسكر الخمسين يراجعونه. وفي 15 أيار 1915 أعطى أمرًا بالقبض على صامو ستة إخوة، وصامو حنجو، وصامو فرشو، وإبري جرما، وحنا عامون، ورفاقهم، بقدر 17 شخصًا. فعلاً ألقوا القبض على المذكورين وسجنوهم في كنيسة البواتر اللاتين.
وجرى علم عند الشعب عن المسجونين. وكان قسم من رجال المسيحيين مثل بيت الجناجي ورافيل كندير وغيرهما يبذلون جهدهم بالغالي والرخيص من المبالغ المصاري. وكان الرؤساء والزعماء يتردّدون عند كبار المسيحيين لطيب الخاطر، ويتعهدون أنّهم يطلقونهم من السجن. وكان الجنانجي ورافيل كندير وغيرهما يضحّون بالغالي والرخيص عن خلاص المسجونين. وكان زعماء ماردين يراجعون أصدقاءهم المسيحيين لطيب الخاطر، ويذكّرونهم عن سنة 1895 كيف «منعنا كلّ تعدٍّ عليكم ولا تفكّروا، نحن لم نقبل أيّ شيء من التعدّي». وفعلاً الذين كانوا يؤمّنون إلى المسيحيين هم الذين يطلبون إبادة المسيحيين.
وكانوا في الجلسة مع ممدوح لقد وافقوا على النكبة، ولم يكونوا يظهرون شيئًا، وبواسطة… المسجونين عن إخلاء سبيلهم بقدر خمسماية ليرة ذهب. استلموا من الجنانجي ورفاقه. وكانوا كلّ يوم يعدون: غدًا. وكان نصبًا وكذبًا. وكان الأمن والسلام «بما نحن معكم لا تفكّروا بما تعملون. إنكم في سنة 1895 حيث جرت مذابح الأرمن في ديار بكر وغيرها، من حمد الربّ قمنا بواجب الصداقة والمحبّة ومنعنا كلّ تعدّ عنكم ولم يجرِ في بلدنا شيء. والآن نعاهدكم بحقّ الأخوّة ومحبتكم. جميع المسلمين يحافظون عنكم. لا فكر بذلك».
10- مقابلة سيادة اغناطيوس مالويان مع سيادة المطران جبرايل تبوني على طايفة السريان الكاثوليك
3 حزيران 1915، صباح عيد الجسد، توجّه عند أخيه بالإيمان سيادة المطران جبرائيل. وكان أوّل كلام من مالويان: «أخي، أودّعك وداع الأخوّة بإيمان المسيح، وهاذي آخر نظرة. الوقت ثمين. أسلّمك أبناء الطائفة وتكون راعي المسيح حتّى يفرجها الله». وختم المقابلة وتقبّلا كقبلة الأخوّة وتمّ آخر لحظة الفراق. وقال: «صلّوا لأجلنا، سنكون شهداء ونحن أبرياء». وتمّ الوداع.
بعد الوداع توجّه مالويان لكنيسة «سورب كيفورك» والشعب يذكر «سكورك». وفعلاً ذلك النهار ألقوا القبض عليه.
11- حزيران 3 ، سنة 1915 ، إلقاء القبض على المطران اغناطيوس عمسيح مالويان مع القسوس وتعذيبهم
وهم: الكاهن دير وانيس سركي، دير ليفون نزريان، دير أرسين بطاني، دير اساهاك حولوزو، دير أوهنيس ترزيباشي، دير مكرديج كاليونجي، دير أنطون أحمراني، دير فارطان نعمو، دير استيبان، دير اندراوس خبّاز، دير ليفون خباز، ودير هارسين آدم، دير وردي. عذّبوهم أشدّ العذاب، وكووهم بالنار وبكلّ جنس العذاب.
3 حزيران، السفّاح ممدوح أرسل جنوده وألقوا القبض على سيادة المطران مالويان مع القسوس. وحالاً ألقاهم في السجن المعدّ لهم. وبعد ذلك ألقوا القبض على الرجال المسيحيين صغير وكبير، في السوق والبيوت والشوارع. الجيش كان يسمّى «عسكر الخمسين» وهو من أهالي البلدة. وهؤلاء كانوا تعهّدوا أن ينفّذوا أوامر الظلم بدون رحمة. وتمّ القبض على الشعب بدون رحمة ولا صديق يعرف صديقه. وتركوا كلّ معروف وجميل وتعبّدوا عبادة الشيطان. في مدّة اربعة أيّام ألقوا في السجن يقدر عددهم 500 خمسماية شخص. وكان يُقدّر من الماية عشرة غير أرمن: المطران مالويان، واثنا عشر كاهنا، واربعة قسوس سريان كاثوليك.
بعدما القوا القبض على الشعب والمطران والقسوس، بدأت المظالم بهم، بدون رحمة وشفقة، والضرب القاسي لا يقدر أن يتصورّه احد، والدم كان يجري من جسمهم كالماء. وعاملوهم بأشدّ العذاب خصوصا المطران والقسوس. كان لهم غرفة خاصة وهي غرفة العذاب. وكانوا يلاقون أشدّ العذاب، وكانوا صامدين بالايمان.
ملاحظة: ذكرنا أنّهم كانوا ألقوا القبض على ثمانية عشر شخصا في نصف أيّار. وذكرنا اسماءهم. وحينما القوا القبض على الشعب لقد ضمّوا المذكورين مع جملة المسجونين مع المطران والقسوس.
لقد الظالم ممدوح طلب مالويان الى غرفة خاصة بوجود قسم من أشراف ماردين. وحين حضور سيادة المطران مالويان، كان مربوطا بزناجير حديد في يديه ورجليه. وكان أوّل كلام الظالم ممدوح:«ايّها الخائن، أريد أن تظهر السلاح الذي اتاك من أمّك فرنسا وعمّك بريطانيا وخالك روسيا ولا تنكر». افاد الشهيد مالويان: «ليس يوجد ما تذكره ابدا ابدا. نحن ليس لنا مراجعة مع احد غير دولتنا التي نحن من ترابها. وهاذي هي شهادتنا من ملوك بني عثمان. ولم نعرف غير دولتنا وغير وطننا. انكم ما نسبتم لي وللشعب هو غير حقّ ولا يقبل الله الباطل». افاد فورا الشيخ نوري الأنصاري: لا ينفعك بما تنكر. اني عندي علم لقد اتاك سلاح وهو رشّاش ومفرقعات حتّى تحاربنا. أطلب منك تعد الحقيقة ولا تنكر وفي اي مكان اخفيته. أجاب مالويان: «لا يمكن عندي شيء ممّا نسبتم اليّ والى طائفتي شيء ابدا وهو غير حقيقي. بل نحن خاضعون الى دولتنا وهذا الحق والبرهان: لقد أكرمني سيادة السلطان رشاد شهادة مع نيشان الصدق والاخلاص الى وطني.»
بعد ذلك أفاق الظالم ممدوح بغضب عظيم. رمى بمالويان على الأرض وكان يعذّبه عذابا شديدا ويضرب بدون رحمة، بوجود الموجودين وهم أشراف ماردين. وكان الدم يجري من جسمه وهو صابر. وبعد ذلك سلّمه الى الجنود الذين أعدّهم للفتك بدون رحمة وقال: أنزلوه الى غرفة العذاب، وعذبوه أشدّ العذاب بدون رحمة. وبعد العذاب الشديد انزلوه الى السجن.
وكذا عذبوا القسوس والمطران يطلبون نكران الدين. وكانوا صامدين بالمسيح. وخاب امل الظالمين من ذلك عذاب الموت. وكان العذاب على جميع المسجونين عذابا لا يقدر يُتصوّر من كل جنس العذاب.
بعد كل شيء في 6 حزيران لقد طلب ستة اشخاص من المسجونين، وهم صامو الاخوة الستة، وصامو حنجو، وصامو مرشو، وإبري جرما، وحنا عامون، إلى غرفة خاصّة، بوجود الظالم ممدوح وأشراف البلدة، مثل خضر جلبي كوملي، وفؤاد كرجيه، ونوري الأنصاري، وما أشبه ذلك.
وفي حضور المسجونين الذين مرّ اسمهم كانوا مربوطين بزناجير حديد. وحين وجودهم أمام الظالم ممدوح كورانلي، فكّ أيديهم وأعطاهم كراسي وطلب منهم: «نعدكم بالله والحكومة، حتّى تكونوا أنتم مع عيالكم صغارًا وكبارًا في بيوتكم سالمين. أطلب منكم أن تشهدوا على مالويان أنّه أتته قوى حربيّة وهي مترلّوز وبواريد ومفرقعات، حتّى يقوم فورًا ويقاوم الحكومة. نعدكم مرّة ثانية بشرف الله والحكومة وشرفنا: نخلّي سجنكم وتكونون سالمين مع عيالكم أحرارًا. وإن لم تؤدّوا ما قلنا سأنزل بكم أشدّ العذاب». الشهود بلسان واحد نقول أفادوا: «نقبل أشدّ العذاب ولا نشهد شهادة مزوّرة، لأنّ الربّ يمنع الزور. نقبل الموت ولا نشهد شهادة مزوّرة بغير حقّ».
أعاد الكلام الظالم ممدوح وطاهر الأنصاري: «نقول لكم، نعدكم باسم الحكومة، وبشرف الله وشرف الحاضرين، سأعفي عنكم وتكونون في بيوتكم أحرارًا». الجواب من الشهود: «قلنا ونقول: ليس لنا علم بذلك».
بعد ما خاب أمل الظالمين ولم يشهدوا، أنزلوهم إلى غرفة العذاب، وسلّموهم إلى الجنود مع أمر عذابهم يكون أشدّ العذاب بدون رحمة وشفقة. فعلاً عذبوهم أشدّ العذاب وفي ذات الليل، بعد نصف الليل، أعطي أمرهم إلى ستة من جنود الخمسين الذين أعدّوا نفسهم للفتك بالمسيحيين: ربطوهم بزناجير إلى محلّ قتل المسيحيين بالمفرد جنوب البلد، قرب كنيسة مار ميخايل، خارج البلدة. وفعلاً رموهم بالرصاص وأسلموا الحياة إلى الربّ. وهم صامو ستة إخوة، وصامو حنجو، وصامو مرشو، وإبري جرما، وحنا عامون.
بعد ما خاب أمل الظالم ممدوح، لقد طلب مرّة ثانية سيادة المطران مالويان، وكان عنده جمع من زعماء ماردين بقدر 10 أشخاص، الذين كانوا شالوا خوف الربّ من قلوبهم. وفعلاً الجنود جابوا مالويان مربوطًا بالزناجير. وحالاً أعطى ممدوح إلى الجنود أمرًا بفكّ الزناجير عن مالويان، وأعطوه كرسيًّا، وصار الحديث مع مالويان.
وطلب أشراف ماردين منه: «نطلب منك شيئًا، إن نَفَّذت تكون أنتَ وشعبك معزوزين ومكرّمين. نرجو أن توافق على ذلك.» أفاد مالويان: «ما هو مطلوبكم؟» «نطلب منك ترك المسيحيّة». أجابهم: «إنّي أقول بكلّ صراحة: أقبل الموت وكلّ عذاب أنا وشعبي، ولا نترك الكتب المقدّسة. وأنا الذي تربّيت بقول المسيح، أعترف أموت وأحيا ولا أترك حرفًا واحدًا من قول المسيح، والمسيح هو نور ليس هو من إنسان. يشهد القرآن في واجهة سورة البقرة وآل عمران».
وكذا خاب أملهم. لقد ربطوا يديه بالزناجير. لقد أنزلوا به أشدّ العذاب ونزّلوه إلى السجن مع القسوس والشعب.
العلوم: هذه الشهادة أخذتها من الذي يشرف على السجن: نوري الأنصاري، محمد شيخو عبّارة، حزيران 7/1915.
بعد ما خاب أمل الظالمين عن جميع غايتهم، لقد بلّغوا المسجونين أن «تُقدّم لكم مصاري مع أحواس لان لدينا أمرا بسوقكم إلى ديار بكر.» وفعلاً جرى ذلك وكلّ من له مسجون قدّم مصاري مع أحواس.
العلوم من الذي كان يشرف على السجن المعدّ إلى المطران وشعبه الذي بقدر 500 رجل، وهو محمد شيخو عبّارة. لقد نقله إلى المحرّر ع.ح.ب. مواليد 1893، في سنة 1917.
12- كيف تمّ سوق قافلة مالويان مطران أبرشيّة ماردين على الأرمن الكاثوليك مع القسوس والشعب
يقدّر عددهم خمسماية شخص، وقتلهم عن بكرة أبيهم.
8 حزيران نادى المنادي في البلدة: «ممنوع كلّ من يشرف على سطح أو باب أو شباك. وكلّ مَن من المغرب وما بعد يتجوّل داخل البلدة، من نصف الليل وما بعد وإلى الصباح. الذي يخالف الأمر يكون مصيره رميًا بالرصاص».
لقد ربطوا أيادي اغناطيوس مالويان والقسوس بالزناجير والشعب كذلك الذي يعدّ خمس ماية رجل. الجميع ربطوهم بالزناجير والحبال. وبعد خروجهم من السجن صف وبعد صف اربعة اربعة. وكان أوّل صفّ مالويان والقسوس. على هذا الشكل تمّ سوقهم كالغنم التي تؤخَذ الى المسلخ. مبدأ السوق بعد منتصف الليل تحت مراقبة 150 جندي من الجنود المعدّين للفتك. وفي أثناء البلدة كانوا يضربونهم ضربا قاسيا مع سبّ الدين الى خارج البلدة. وكان قسم من المسيحيين يشاهدون من الشبابيك ما جرى في الشوارع من السجن والى خارج البلدة. وتمّ سوقهم عن طريق دياربكر.
في وصولهم الى المحل المسما المقلابات، بعيدا عن ماردين 10 كيلومتر، في ذات المكان فقدوا من القافلة ماية شخص مكلبجين بالحديد. ابعدوهم عن الطريق العام في واد، وكانوا يفتشونهم وياخذون ما يملكون مع احواسهم. وبعد ما اخذوا ما يملكون من مصاري واحواس وكل شيء، جمعوهم جمعا واحدا. لقد أشار رئيس التنفيذ الى الجنود:«كونوا مستعدّين؛ حين أعطيكم الاشارة أطلقوا عليهم الرصاص». فعلا بعد مدّة قصيرة أشار على الظالمين باطلاق الرصاص ونفّذوا الأمر. وبعد اطلاق الرصاص والجميع قُتلوا شهداء عن بكرة أبيهم.
بعد رجوع الجنود وقد وصلوا الى باقي القافلة، شاهد المسيحييون مع مالويان احواس الشعب مع الجنود.
اعترف مالويان: لقد حان الوقت. وحالا المطران طلب من رئيس التنفيذ أن«تسمح في نصف ساعة فقط». وكذا ترجّى من الرئيس عن رغيفَي خبز. كذلك الرئيس تكرّم لمالويان بالخبز. لقد أخذ الخبز وباركه وابلغ الشعب: «حان وقت الشهداء. اركعوا وصلّوا. وأخذ يقول: هذا جسد ودم المسيح. وأعطى الشعب بسم المسيح وقال: كونوا مستعدّين، سنكون شهداء».
بعد ما كمّل الواجب سيادة مالويان بلّغ الرئيس: «افعل ما تريد، ونحن أبرياء ممّا نسبتم لنا. وان شاء الله نكون شهداء. لقد كملت الواجبات».
وفي المكان المسمّى«جبال شيخان»، وفعلا في ذات المكان، أشار الرئيس الى جنوده باطلاق الرصاص وقتل مالويان مع القسوس والباقين. تمّ قتلهم في قلعة زيرزوان بسم«جب الرومان».
والى هنا قتل مالويان مع القسوس والشعب. لقد قُتلوا عن بكرة ابيهم، المطران والقسوس، بقدر خمس ماية شخص عن بكرة ابيهم. عدد القسوس 12، 8 ارمن كاثوليك، واربعة قسوس سريان كاثوليك.
وبعد رجوع العسكر الظالمين الى ماردين، جرى علم عن قتلهم وعن بكرة ابيهم. وكان الشعب المسيحي يشاهدون احواس رجالهم واولادهم مع الجنود. وكان قسم من المسيحيين يأخذون علما كيف قُتلوا، علما حقيقيا عن الشهيد مالويان.
ذكر الدكتور الشرعي الى صديقه المطران جبرايل تبوني على طايفة السريان الكاثوليك عن قتل الشهيد مالويان وقال: شاهد مالويان مقتولا. أصابته رصاصتان في رأسه وفي صدره، وكان يظهر من لشته شعاع أبيض شكل غريب. وكان جسمه أخضر اللون.
شاهد ثانٍ كان جنديا من جنود الخمسين، الذي كان سابقا جلواز بلدية في تل ارمن. ذكر عن قتل القافلة وقال: شاهد جثة مالويان وقال: وقفت على جثته، وكان يظهر كأنّه نائم ولون جسمه أخضر. وشاهد كثير من الجنود ودائما كانوا يذكرون ذلك. الشاهد هو عبد العزيز بن ملا محمود غرغيره.
بعد رجوع الجنود الظالمين الى ماردين لقد أعطى الظالم ممدوح أمرا بالقاء القبض على شمل المسيحيين. وفعلا كان الجنود يلقون القبض على شمل المسيحيين من أرمن وسريان وكاثوليك وكلدان. وفي مدّة ثمانية أيّام القوا القبض على ما يقارب ستّماية رجل مع قسوس، فعلا في السجن المعد للمسيحية. وفي السجن يعذبونهم عذاب الموت من كلّ جنس العذاب. وكان يجري الدم من جسمهم كالماء، وكانت هناك غرفة تسمّى غرفة العذاب بدون شفقة ورحمة، على يد الظالمين.
وكان من جملة المسجونين قسوس ارمن وسريان. وكان الظالمون يعاملونهم معاملة شنيعة بالقتل والضرب وما أشبه ذلك.
وبعدما كمل عدد المسيحيين يقدّر عددهم ستماية شخص، وفعلاً تمّ سوقهم من نصف الليل وبعد. وكانوا مربوطين بالزناجير والحبال أربعة أربعة، صفّ بعد صفّ، كالخراف الذاهبة إلى مسلخ الظالمين، الذين شالوا رحمة الربّ من قلوبهم، وتعاونوا على كلّ شيء قبيح مع عذاب أمرّ من الموت.
13- 17 حزيران: سوق القافلة الثانية، تعدّ 600 شخص
وفي نصف الليل وبعده ربطوهم بالزناجير والحبال أربعة أربعة صفّ بعد صفّ. صفّ أوّل كان الكهنة. وكانوا منعوا ذلك الليل التجوّل ولا يمكن أحدًا أن يشرف على سطح أو باب أو شباك أو شارع. وتمّ سوقهم من نصف الليل وبعد، جرى سوقهم عن طريق ديار بكر. وكانوا يعذبونهم أشدّ العذاب، ويقتلون منهم بالمفرد.
وحين وصولهم إلى المكان المسمّى شيخان، المحلّ الذي أبادوا فيه مالويان والشعب، وفي ذلك المكان، قبل ما رئيس السوق الذي بيده أمر من الظالم والظالمين يفعل ما يشاء، وقبل ما يعطي وينفّذ القتل بمدّة قصيرة، شاهد جنودًا بسرعة وهم ركاب الخيول يتوجّهون نحو القافلة. وفي حضور الجنود استقبلهم رئيس القافلة الذي له مطلق الحريّة من حكومة الفتك أن يفعل ما يشاء. والجنود كانوا مرسلين من أولياء ديار بكر ليمنعوا قتل القافلة وترجيعهم سالمين إلى سجن ماردين المعدّ للشعب المسيحي فقط.
ولقد الرئيس استلم أوامر منع من القتل والرجوع إلى ماردين. فعلاً الربّ وضع الرحمة في قلب المذكور رئيس القافلة، وجمع جنوده، ومنع كلّ قتل وتعدّ وكلّ من يخالف يكون مقتولاً حسب أوامر رؤساء الحرب. فعلاً احترم الأوامر ورجّع القافلة بعدما كانوا قتلوا منها ما يقارب خمسين رجلاً. وفعلاً وصلت القافلة سالمة إلى ماردين مع القسوس. وبعدما ألقوهم الجميع بالسجن وفي مدّة نهار، أطلقوا سراح كلّ من هو سرياني قديم وسريان كاثوليك وكلداني وبروتستان، وتمّ في السجن رجال الأرمن.
وبعدما طاف جنود الخمسين في الشوارع والبيوت يلقون القبض على بواقي الأرمن في السجن. لقد ألقوا القبض على كبير السنّ والصغير. وفي هاذي المرّة صار مجموع رجال الأرمن يقارب ستماية شخص من كبير السنّ وصغير ومنحرف الصحّة، أعرج وأعمى. لقد كان مجموع الرجال ستماية رجل، كلّهم أرمن من أهالي ماردين فقط. وتمّ سوقهم عن شرقيّ برّ ماردين عشر كيلومتر تحت العذاب الشديد. وكان علم إلى الأكراد كيف يتمّ قتلهم. الرئيس المكلّف بالقتل كان يسلّم كلّ خمسين رجل إلى الأكراد ويتمّ قتلهم على يد الجنود الخمسين والأكراد. لقد قتلوهم عن بكرة أبيهم. جرى علم بذلك.
وبعد ما جرى قتل القافلة الثانية، ورجوع الجنود الظالمين إلى ماردين، كانوا يلقون القبض على بواقي رجال الأرمن. كلّ من يشاهد شخص رجل يلقون القبض عليه، ويسلمونه إلى دائرة الشرطة التي بيدها القتل بالمفرد. وكان القتل بالمفرد في جنوب ماردين بقرب كنيسة مار ميخايل في الوادي.
إلى هنا تمّ قتل الأرمن. ولا يمكن أن يشاهدوا أحدًا ولم يلقوا القبض عليه.
14- القبض على عمسيح يوسف مالو
وبعد كلّ ما جرى لقد ألقوا القبض على السيّد عمسيح يوسف مالو. وطلب الظالم وقال: «إنّك إبن عمّ مالويان». وقال: «لقد ابن عمك مالويان أخفى السلاح الحربي الذي كانت قدمته له فرنسا وبريطانيا وروسيا. وعندي علم أنك تعرف في أيّ مكان أخفاه. أطلب أن تعد الصحيح. وإن لم تؤد الحقّ أنزلت بك أشدّ العذاب والقتل». أفاد المذكور عمسيح: «ليس عندي علم بذلك أبدًا. أخبار غير حقيقيّة وهي مزوّرة». وحالاً نزلوا به إلى سجن العذاب وعذّبوه أشدّ العذاب. وذات الليل ربطوه وسلّموه إلى الجنود، ونزلوا به غربي البلدة، مكان حفيرة الأرمن، وقضوا على حياته، وزتّوه في الجبّ.
15- القبض على الكاهن حنّا شوحا الكلداني
كان الكاهن الغيور الأب حنا شوحا بن حنا شوحا، الذي كان قبل حرب 1914 وكيل قنصل فرنسا. الأب الكاهن حنا كان في نصيبين يرأس طائفة الكلدان. ومعلوم أنّ باب الكنيسة لا يمنع أحدًا عن عبادة الله. لقد حضر شخص وأدّى الصلاة. بعد القداس وفي خروجه من الكنيسة لقد ألقوا القبض على الرجل. مع وجوده عند رئيس التجنيد سأل الجنود: «في أيّ مكان ألقيتم القبض عليه»؟ أفادوا: «عند القسّ حنا الكلداني”. لقد حالاً نسبوا إلى الكاهن أنّه خائن ويحوي أشخاصًا مهزومين من جبهة الحرب».
وبعد يوم واحد أسندت له مغادرة نصيبين إلى ماردين مع جملة جنود خيّالة. وفي خروجه من نصيبين وهو ماشٍ على رجليه وكان الجنود يعذبونه أشدّ العذاب. وكان الطريق يُقدّر بسبعين كيلومترًا، وهو بين أشدّ العذاب. وحين وصولهم إلى ماردين إلى الباب المسمّى باب الصور، لقد وضعوا على صدر الكاهن جرسًا وطافوا به في الشوارع وأسواق ماردين. وكانوا يعذبونه أمام الشعب. وبعد ذاك تمّ سجنه.
لقد أخذ علمًا بما جرى المطران إسرائيل أودو، رئيس طائفة الكلدان ورئيسه، وحالاً راجع المتصرّف وفرقة قمندار ماردين ولم يلبّوا طلبه. وعاد المطران حزين القلب وتمّ يوم واحد. وكذا جرى سوقه مع أربعة رجال إلى ديار بكر، إلى محكمة الفتك. كذلك لاقى عذابًا أصعب من الموت. وفي ديار بكر كذلك الجرس على صدره، وطافوا به في الشوارع وسجنوه.
العلوم من الذي كان من جملة الجنود وهو موثوق، علي قنجي.
16- قتل الخواجا عبد الكريم شوحا وزوجته وهرب ابنته
كان الخواجا عبد الكريم شوحا بن حنا شوحا، الذي يشتغل في دوائر الحكومة. وكان المذكور محبوبًا لدى الشعب ولدى الحكومة. وكان ممتاز الأخلاق ولا كان أحد يقصده ويرجع خائبًا. وكان يقوم بكلّ واجب الإنسانيّة.
ولقد أبلغوا قائمقام نصيبين الأمر بمغادرة نصيبين إلى ماردين، مع عائلته وأغراض بيته. وقد تهيأ للسفر وعمل واجبات الطريق بما يلزم. والحكومة أسندت له ستة من الجنود الخيالة، وعلى رأسهم الظالم شوكت جاويش.
وفعلاً غادر نصيبين إلى ماردين. وكان الجنود يعاملونه معاملة جيّدة. وحين وصولهم إلى نصف الطريق من تلّ عامودة، في المكان المسمّى كاني كري، في ذات المكان طلب الخائن قليل المروءة والوجدان شوكت أن «يلزم نستريح مقدار ساعة، لأجل خيولنا ونستريح».
فعلاً لُبّي الطلب ونزلوا عن خيولهم. وفي حال الوقت عائلة عبد الكريم قدّمت الأكل الذي كانت هيّأته للطريق، وطلبت من شوكت وباقي الجنود أن يتقدّموا ويأكلوا. فعلاً انجمعوا على المائدة. وفي أثناء الوقت كان قلب الخائن شوكت قليل المروءة والوجدان لقد ألقى الرصاص على عبد الكريم وجعله قتيلاً. وسلّم الروح إلى الخالق. وبعد ذلك أراد أنّ عائلة المرحوم وهي ابنة نايف بك من أهالي ديار بكر أن تكون له عائلة. أفادت: «الويل لك أيّها الخائن قليل المروءة. إنّي أعد الله لا يمكن أعيش في قيد الحياة بعد عبد الكريم أو أترك دين المسيح».
بعدما خاب أمل الظالم، لقد غافل الجنود وأطلق عليها الرصاص، وجعلها قتيلة وزتّها مع لشّة زوجها عبد الكريم. ولقد تولّوا على جميع أغراضهم وما يملكون من أثاث ومصاري وذهب. لقد نشبت بينه وبين الجنود مشاجرة عن تقسيم الموجود.
ومن جهة بنت عبد الكريم، التي كانت برفقة والدها، وكانت تقدر العمر 9 سنوات، لقد أخذها عنده، وكانت تخدم عائلة الخائن، ولم يكونوا يسمحون لها أن تشرف على باب وشبّاك وسطح. وبقيت مقدار سنة ونصف لم تعرف إن بقي أحد من الشوحا. وبما إنّ الله يُظهر الحقّ، والبنت واقفة أمام الشباك، شاهدت إبن عمّتها عزيز مغترل مارقًا في الشارع أمام دارهم. تفقّدت تمامًا هو ابن عمّتها، تأكّدت أنّه يوجد أحد من الشوحا. وكذلك راقبت، فشاهدت رجالاً ونساء مسيحيين يمرقون في الشوارع، تأكّدت يوجد مسيحيون. وفي ليلة من الليالي وجه الصبح، تركت وانهزمت وراحت إلى بيت الشوحا وجه الصبح، ودقّت الباب. أفاقوا وقالوا: «من يدقّ الباب؟» «إنّي إبنة كريم شوحا». حالاً فكّوا الباب واستقبلوها استقبالاً حزينًا. وحزنت قلوب الشوحا صغير وكبير. وقصّت لهم عن والدها مع والدتها بما جرى عن أعمال الخائن شوكت الظالم الذي تعامل بدون رحمة وشفقة.
لقد فاق الظالم ولم يشاهد البنت. عرف أنّها انهزمت وراحت عند الشوحا. لقد زاد غضبه وهاجم بيت عمّها الشوحا، وهاجم الشوحا يطالب بالبنت. ولم يتمكّن على أخذ البنت لأنّ الحكومة كانت قد سمحت إلى كلّ من يريد الرجوع إلى أقاربه. وبعد ما خاب أمل رجوع البنت له لقد افترى أنّها سرقت ذهب عائلته، يقدّر مايتين ليرة ذهب. وسجّل دعوى في المحكمة ومطلوبه غير حقيقي. وفعلاً عرفت المحكمة أنّ مطلوبه غير حقيقي مزوّر. وفعلاً طلبوا البنت إلى المحكمة. لقد البنت قصّت بما جرى مع والدها مع والدتها. أفادت مطلوبه مزوّر وغير حقيقي، بل «كنت كخادمة عندهم وليس كان عندي علم عن أعمامي موجودين. وحين اعتلنت أنّ بيت أعمامي موجودون لقد انهزمت من عنده. والآن ليس له حقّ بما يطالب». حالاً بما أعترف الحاكم عن قتل والدها مع والدتها، أسقط الدعوى، وسلّم البنت إلى إبن عمّها.
أسطّر إلى هنا بما علمت عن الحادث. لقد نقل الحادث الجندي الذي كان موجودًا مع الظالم شوكت في أثناء الحادث والقتل، والجندي المذكور كان من الجنود الحادث، وهو يوسف علي قنجي. نقله 1917 إلى ع. ح. ب.
17- هجر وسوق عائلات [نساء] ماردين الأرمن
بعد ما أبادوا رجال ماردين كانت العائلات يفكّرن كلّ الأفكار ويحسبن كلّ الحساب كيف يكون مصيرهنّ. قامت شمين خاتون عائلة نعوم الجنانجي وشكّلت وفدًا مكلّفًا من ستّ نساء كبار السنّ حتّى يقابلن الظالم ممدوح قليل المروءة والوجدان، حتّى يسترحمن منه إكرامًا إلى الأولياء والأنبياء والحكومة. وفعلاً أرسل علم إلى ممدوح عن المقابلة. لقد أعطى أمرًا بمقابلة النساء، وعند المقابلة، وفد النساء مع مواجهة ممدوح، زتّوا حالهم على يديه ورجليه: «قصدنا الله وقصدناك، وكذا قصدنا الحكومة، نرجو من الله ومنك أن تعفي عن سوق العائلات وعن شرفهنّ». وكان الجواب من ممدوح قليل الوجدان: «أعدكنّ وعدًا كاملاً. نفّذن أوامري واجمعن مبلغ مصاري وذهب، سأعفي عن هجر العائلات. أعدكنّ بشرف الله والحكومة وشرفي، لن يلحق العائلات هجر وتعدّ، وتكنّ في بيوتكنّ مرتاحات البال، على أساس أن تجمعن ذهبًا ومصاري لا تُقدّر». وبعدما طمأن أفكارهنّ لقد وعدنه بذلك وطلبن الخاطر وطمأن أفكارهنّ.
لقد واجهن شمين خاتون وطمأنها بما جرى مع ممدوح وما وعدهنّ وعدًا كاملاً. وفي حال الوقت شكّلت وفد نسا وطُفن بين العائلات. وفعلاً كانوا يهبون من المصاري والذهب وما أشبه ذلك. وفي مدّة ثلاثة أيّام جمعن مبلغًا لا يقدّر. وقد طلبن المقابلة مرّة ثانية من ممدوح السفاح. المذكور أعطى أمر المقابلة إلى وفد النساء في وقت معيّن. وفعلاً ذات الوقت لقد قابلن ممدوح وقابلهنّ بكلّ طيب الخاصر مع لطف. وقدّمن مطلوبه الذي لا يقدّر. وفي استلام المبالغ شكرهنّ شكرًا لا يوصف وقال: «أعدكنّ بالله والحكومة والإنجيل والقرآن، وعدًا صادقًا». يا قليل المروءة الذي حلفت بالله والحكومة والإنجيل والقرآن، وخنت الوعد!
وبعدما طمأن أفكار النساء، طلبن خاطرًا منه. وحين نزول النساء، بعدما استلم المبلغ الذي لا يقدّر، مجموع المبالغ من ذهب وليرة ومصاري، وبعد نزولهنّ من الطابق الثاني إلى أوّل طابق، وكان الظالم ممدوح أبلغ جنوده: «ألقوا القبض على النساء واسجنوهنّ في غرفة لا يشوفهنّ أحد».
فعلاً في نزول وفد النساء من الطابق الثاني لقد ألقوا القبض على النساء، عددهنّ خمس، وسجنوهنّ في مكان لا يشوفهنّ أحد. وفي ذات الليل أعطى أمرًا بقتلهنّ داخل الدار. وفي نصف الليل زتّوهنّ في شمالي البلدة بين الصخور. وبعد الحادث مدّة نهار واحد أعطى أمرًا بهجر عائلات الأرمن.
18- كيف كانوا يهجّرون العائلات من بيوتها
كان الظالم ممدوح كلّف وفدًا من عشرين شخصًا ومن أهالي البلد، حتّى يقوموا بواجب الهجر بدون رحمة. وفعلاً جرى الظلم. كانت الهيئة مكلّفة من ممدوح والشيخ نوري الأنصاري وطاهر الأنصاري وفؤاد كرجي ونوري بدليسي وابنه يوسف بدليسي واسحاق ويحيى خلوصي وقسم من عسكر الخمسين.
أولاً كان يدخل المكلّفون بالهجر إلى البيت ويبلغون النساء: «لا يبقَ أحد داخل البيوت، صغير وكبير». ويكتبون أسماءهم ويسلمونهم إلى جنود الخمسين، وينزلون بهم إلى حوش الكنيسة، ويجمعون مقدار 500 نفس من صغير وكبير. وبعد خروج النساء من بيتهنّ، كانت الهيئة تسكّر الأبواب بالشمع.
بعدما يكمل ما يقارب خمسماية نفس كبير وصغير، يستلمهم رئيس الهجر المكلّف من قبل ممدوح الذي هو مطلق الحريّة من حكومة الفتك التركيّة في ديار بكر بفعل ما يشاء. ويبلّغ الأمر بسوق العائلات، ويتمّ الهجر عن طريق راس العين، برفقة الظالمين جنود الخمسين، ورئيس القافلة. وكانت النساء والبنات صغيرة وكبيرة يلاقين عذابًا أشدّ من الموت. وكان الجنود ورئيس السوق يسمحون للأكراد في أخذ النساء والبنات، صغيرة وكبيرة، وبالقتل وما أشبه ذلك من كلّ جنس العذاب والتشريد. وكنّ يحرقن قلوب الكافرين. ومن كلّ القافلة يقدّر ماية نفس، في وصولهم راس العين، مقرّ قافلات نساء الأرمن من جميع بلاد تركيا، وليس كان بها سكن، ولا كان أحد يرحمهم من شدّة الجوع والحرّ والبرد، لا فراش ولا غطا. وكانوا مشرّدين في أراضٍ قاحلة. وكلّ قافلة جرى لها ما ذكرنا من الظلم. وقسم من قافلات النساء لقد قُتلوا عن بكرة أبيهم، بعدما الأكراد أخذوا قسمًا من النساء والأولاد والبنات، والباقون لقد قُتلوا عن بكرة أبيهم.
وكان مقرّ القافلات في راس العين في أراضٍ قاحلة. لقد انوجد في راس العين بقدر اثني عشر ألف مشرّد من شعب الأرمن، وكلّهم نساء مع أطفال. وهذا المجموع يتقدّر من كلّ خمسماية شخص ينوجد لا يزيد عن ماية نفس. والمجموع هو من كلّ بلاد تركيا، من بلدة أرزروم لحدّ بلدة أضنا واسطنبول وجميع البلاد.
19- كيف انقضى على الشعب المشرّد الأرمني الذي انوجد في راس العين
يقدّر اثنا عشر ألف نفس، نساء وبنات وصغير وكبير. لقد جمعوهم وجرى سوقهم بطريق الخابور، مثل النعاج إلى المسلخ. وفعلاً الظالمون الججان والجركز عاملوهم معاملة لا يرضى عنها الله، من كلّ جنس العذاب لم يُرضِ الله.
وتمّ سوقهم من راس العين إلى شدّادة. وفعلاً في الشدّادة، جنوب المسكنة 125 كم أبادوهم عن بكرة أبيهم، على يد الظالمين الججان والجركز وجنود الأتراك وغيرهم.
20- نذكر قافلة تعدّ سبعماية نفس
وهم نساء وبنات وأولاد مشرّدون. وفي طريقهم عن تل أرمن إلى راس العين، تجمعت عشائر الأكراد مع زعماء عشيرة الكيكا وخلجا في قرية عبد الإمام. وحين وصول القافلة إلى القرية المذكورة، لقد تمّ اتفاق رئيس التهجير وزعماء الأكراد عن إبادة القافلة. فعلاً وافق بذلك الظالم وسمح للأكراد والجنود أن يفعلوا ما يشاؤون. وبدأت ساعة الظلم التي تحرق القلوب. وبدأ الهجوم بالخناجر والحجارة والذبح والسبي بدون شفقة ورحمة. لقد أبادوا خمسماية والباقي ألقوا القبض على ما يقدّر بعشر نساء صغار السنّ، جلبوهنّ أمام خيمة زعماء الأكراد، وطلبوا من الفاضلات النساء أن يشلحن ويدخلن عاريات أمام الظالمين حتّى يرقصن. يا قساوة القلوب. كانت النساء يصرخن: «إكرامًا لله قوّصونا ولا تعاملونا العمل الذي ليس يرضى عنه الله».
وفعلاً جرى ما جرى من الظالمين. وبعد كلّ ما جرى من قتل، ومن كلّ شيء مخالف إلى الربّ، بقي من ستماية نفس يقدّر ماية نفس، جرى سوقهم إلى راس العين مقرّ القافلات.
الحادث نقله درويش الكردي، جندي من نفس قرية عبد الإمام، الذي جرى ما جرى، نقله سنة 1918. نقله إلى ع. ح. ب. من أهالي ماردين، من مواليد 1893.
21- لمحة عن تلّ أرمن
تقع جنوبي غربي ماردين، تبعد عشرين كيلومترًا عن ماردين. يعود تاريخها إلى أنقاض دنيسر قوج حصار في القرن العاشر. لقد نزح المسيحيّون وعمّروها وسكنوا بها. وهي من الجيل العاشر، وسنة 1915 لقد انقضى عليها في نفس التاريخ في آخر حزيران.
تلّ أرمن كانت تعدّ سبعماية بيت. وكان يسكنها تقريبًا ماية عائلة نزحت إليها من ماردين. وكانت كلّها مسيحيّة بسم أرمن كاثوليك، وبها أعظم كنيسة بسم مار جرجس عظيمة، وتوجد بها سوق تقدّر بماية دكّان. وكان البيع والشراء نوع التجارة والصنائع. وفي سنة 1912 كان الخواجا رافو عَمّر سوقًا جديدة تقدّر بثمانين دكّانًا، وقرب السوق عَمّر دائرة للحكومة من جيبه الخاصّ. وكذا عَمّر دائرة بلديّة من جيبه بقرب قوج حصار، التي تبعد عن تلّ أرمن نصف كيلومتر.
كان شعب تلّ أرمن يتعاطى الزراعة وتربية الغنم والبقر وما أشبه ذلك. وكانوا يملكون بسند تمليك في القرية وأطرافها لأجل الزراعة. جميع الشعب يملكون الأملاك، وتملك كلّ عائلة ما يقارب مايتي رأس من الغنم.
وكان على رأسهم سيروب وعبد الأحد كسبار وبيت جدعان وعليان وقلسو ودركاوي. وكان أهالي تلّ أرمن لا يتزعمون على بعضهم، لأنّهم كانوا متساوين بالحقوق وخاضعين إلى بعضهم ولا فرق بين فلان وفلان.
أمّا من جهة التجارة والبيع والشرا، فكانت بيد أهالي ماردين الذين يسكنون مع عيالهم بها.
22- متى انقضى على شعب تلّ أرمن
الحرب العظمى معلوم 1914 أعلنها الأتراك. ودقّت الطبول إلى الجهاد، وجمعت الشعب للتسجيل في دائرة النفوس والتجنيد. وتقدّم الشعب. وبعد إعلان الجهاد بمدّة قصيرة، طلبوا من العمر 20/25/35 . فعلاً تقدموا بما هو الأمر، وتمّ سوقهم إلى جبهة الحرب أمام روسيا. وبعد وجود جنود تركيا في جبهة الروس، وفي تشرين الثاني 1914، انضمّت تركيا حليفة ألمانيا و النمسا وإيطاليا وخاضت الحرب. وفي سنة 1915، نيسان، جنود الأتراك الخيّالة هاجموا قرية تلّ أرمن، وجمعوا الرجال الموجودين في تلّ أرمن ومن أهالي ماردين الموجودين، ومجموع الشعب يقدّر بخمسماية رجل، وهم من عمر 40/45/50 سنة، منحرف الصحّة، من كلّ نوع. وتمّ جمعهم في حوش كنيسة مار جرجس، وكانوا يلاقون عذابًا شديدًا، وعلى رأسهم الخواجا رافو قبلو، الذي عَمّر دائرة للحكومة، ودائرة بلديّة من جيبه، يا لقساوة القلوب. وطلبوا: إنّكم تروحون إلى جبهة الحرب. أفادوا: “مستعدّون، نحن مع أولادنا”. وقبل سوقهم إلى ماردين، لقد حضر الشيخ سيد دوش ورئيس عشيرة المليا. وكذا زعيم خلجا وهو أكبر زعيم كردي وأكبر زعيم عشيرة الكيكيا وهو كردي. وفي حضور الشيخ سيدوش الديني وهو كذلك كردي، لقد ألقى خطابًا أمام الشعب في حوش كنيسة مار جرجس، إلى الرجال الذين يغادرون بيوتهم وعيالهم. المذكور أفاد: «أبناء الوطن والدم، نحن الموجودين بينكم نعاهدكم بسم الربّ والحكومة، أنّكم تكونون في خدمة الوطن. وإن شاء الله ترجعون سالمين إلى بيوتكم. أرجو ألا يكون لكم فكر من جهة عيالكم». وأعاد الكلام الشيخ: «أرجو أن تكونوا مرتاحي البال. نعاهدكم بسم الربّ والحكومة وبسم صدقكم ومحبتكم. لا تفكروا عن كلّ شيء». وكذا أكّد رؤساء العشلائر الأكراد: «إنّنا نعاهدكم، بما قال الشيخ المحترم. كونوا مرتاحي البال من جهة عيالكم، لا فرق بين عيالنا وعيالكم. والآن نفارقكم ونطلب لكم العودة سالمين».
وتمّ الكلام «بنفارقكم بخير والعودة سالمين». وذات النهار بعد الظهر، تمّ سوقهم عن طريق الكولية وماردين. وكان سوقهم بدون رحمة. وعذّبوهم عذابًا لحدّ وصولهم إلى ماردين. وفي وصولهم إلى ماردين سجنوهم في القلعة. وكان من الذين ألقوا القبض عليهم منحرفي الصحّة من كلّ نوع. وفي وجودهم لقد راجعوا عن الرجال منحرفي الصحّة، وطلبوا معاينة طبيب. ورئيس التجنيد رفض طلبهم.
ويعد يومين تمّ سوقهم بسم جنود إلى ديار بكر. وبعد وصولهم إلى ديار بكر جرى سوقهم إلى بلدة سويرك. وفي المكان المسمّى قراجران كانوا يشغّلونهم في تصليح الطرق وتكسير الحجارة. وكان بعذاب عظيم من كلّ نوع. وكانوا يقدّمون كلّ يوم من الخبز ماية غرام مع شوربة عدس. لقد مات منهم كثير من التعدّي والجوع. والمسيحيون الموجودون في قراجران بسم جنود، يعدّون سبعة آلاف رجل مسيحي، هم من ماردين وتوابعها وديار بكر وتوابعها ومن عينتاب وأورفا وجميع بلاد تركيا. لقد أبادوهم عن بكرة أبيهم بالرصاص، وبعد قتلهم لقد أشعلوهم بالنار سنة 1915 حزيران.
إنّي المحرّر كنت موجودًا في قرية تلّ أرمن وشاهدت كلّ شيء. والذي كان من جملة الرجال المارّ اسمهم، وراقبت من تلّ أرمن إلى ماردين، لأنّي كنت أرتدي لباس كردي، لم يكن أحد يعرفني. المحرّر ع.ح.ب. مواليد 1893.
23- كيف انقضى على عائلات تلّ أرمن صغير وكبير، وجرت المذابح كالنعاج بدون رحمة عن بكرة أبيهم
كاتب المقال ع.ح.ب.
كان بيتنا في تلّ أرمن بقرب ملك زفّو قبلو. وفي 2 حزيران أخذتُ والدتي وأخواتي وبيت عمّي إلى ماردين. وصلنا سالمين وسكنّا ماردين. ولم أكن أتمكّن من البقاء عندهم خوفًا أن يلقوا عليّ القبض. وكنت ألتجئ مع شعب السريان الذي كان التجأ في ماردين خوفًا من تعدّي العشائر. وفي 14 حزيران 1915 أخذت إبن عمّي كذلك، إسمه عبدو، وقصدنا تلّ أرمن حتّى نجلب قسم أغراض. وكان يوجد عندنا بقر حتّى نعتاش. وحين وصولنا شاهدنا، ونطلب من الربّ لا يعود ذلك النهار. الدموع تهطل من عيونهم كبركان الدم، ولم تعرف العائلات كيف يكون مصيرها. وبتنا ذلك النهار والليل، وفي وجه الصباح شاهدنا قد تجمعوا في أطراف تلّ أرمن مثل التراب لا يُقدّر عددهم. وفاق المدير، وصار علم عند المدير، وهو درويش بن خضر جلبي، من أهالي وأشراف ماردين: اعتلم أن عشائر الأكراد تريد تهاجم القرية بالقتل والذبح. وحالاً مدير الناحية أرسل جنوده وردّهم ذلك النهار، ولم يتمكنوا ورجعوا. وبقيت أراقب كيف يكون لنا فرصة الرجوع، ولم نتمكن من الرجوع.
وبتنا ذلك الليل في دارنا، وكنّا نرتدي لبس عشائر الأكراد. وفقنا بعد نصف الليل نسمع أصوات بكاء النساء والأولاد، صغير وكبير، حتّى يواصلوا حالهم أمام دار الحكومة، لأنّ الأكراد هاجموا العائلات بالقتل والسبي وينهبون أموالهم. وفعلاً الذي وصل أمام قسم دائرة الحكومة قليل، والباقي كالنعاج. وصبح الصباح. لا عاد ذلك النهار على عبّاد الأصنام!
لقد أفاق مدير الناحية وحضر إلى دار الحكومة، وشاهد الشعب المظلوم، الأطفال والنساء، كبير وصغير. لقد فورًا أعطى أمرًا إلى جنوده بسوقهم إلى حوش الكنيسة. وجرى ذلك. وحين دخول النساء والبنات والأولاد حوش الكنيسة، أعطوا أمرهم بالقتل إلى الأكراد الذين لا يعرفون خوف الربّ. وفعلاً هاجموهم داخل حوش الكنيسة وصار القتل، كبير وصغير، بالخناجر والحجارة والعصي. وفي وسط الكنيسة والهيكل ملأ دم الأبرياء.
وبعد ذلك الظلم بقي من المايه 10 أشخاص، جمعهم مدير الناحية وتمّ الهجر إلى راس العين، مقرّ قافلات الأرمن. وتمّ كلّ شيء. كذا تمكنت مع ابن عمّي بواسطة الحيوان، لأن كان لبسنا لبس الأكراد، وبواسطة ذلك بواسطة لباسنا قدرنا الخروج من المظالم. وبوجود البقر والغنم، لأنّ الأكراد كانوا يمثلوننا منهم بواسطة الدواب. وصلنا ماردين المساء، باب المشكيه. لقد شاهدنا أولاد محمد سعيد آغا. لأنّهم كان أصدقاء لنا. حالاً عرفونا وهنأونا بالرجوع وقالوا: «الدواب، أتركوا الدواب لا نسلّمكم إلى الحكومة». فعلاً تركنا ودخلنا البلد.
الذين وعدوا وعدًا صادقًا عن احترام عائلات تلّ أرمن، الشيخ سيدوش وزعماء الأكراد، لقد سمحوا لشعبهم بفتك العائلات. ماذا يكون الحساب مع ربّكم؟!
تاريخ تلّ أرمن: وهو بعد انقضاء دنيسر قوج حصار، سنة العاشر 1000، عمرتها الأرمن. لقد جرت المظالم سنة 1915 عن بكرة أبيهم. الأتراك غيروا اسمها إلى قزل تبا. المحرّر ع. ب.
القسم الثاني: نــكــبـــــات السريــــــان
1- نذكر وعود زعماء الأتراك مع السريان قديم
في مبدأ الأمر الأتراك أبلغوا إلى السريان: «إنكم لديكم صكّ الوصيّة الذي من ملوك بني عثمان ومن صاحب السيادة عمر الخطاب المحترم. نحترم الوصيّة التي بها يوصي عن احترام شريعتكم وتقاليد صلواتكم، ونحترم القسوس والرهبان، ونُعلمكم أنّكم محترمون وأنتم من ترابنا وخاضعون لدولتكم. ليس إنكم مثل الأرمن تشقّون الطاعة» 3 . يا لقلّة الوجدان. بعد الوعد الصادق لقد فتكوا بالسريان قديم وبالمطارين فتكًا لا يوصف. وسأذكر كلّ منطقة وما أصابها بعد الوعد من المظالم: قتل الشعب والمطارين السريان.
2- ضمّ السريان مع مذابح الأرمن
جرت المذابح على شمل المسيحيين من حدود روسيا والعجم، في 28 نيسان 1915. وجرى زوال المسيحيين في جميع بلاد تركيا: في بلدة أرزروم وبلدة وان وبدليس وسعرت وجزيرة عمر الخطاب وتوابعها، زوال الشمل المسيحي عن بكرة أبيهم. وهذه البلاد كان بها الشعب السرياني الذي معه الوعد الذي وعدوه: «إنّكم السريان نحترم صكّ الوصيّة الذي لديكم من ملوك بني عثمان ومن عمر الخطاب صاحب السيادة، الذي يوصي بالقسوس والرهبان وتقاليد شريعتكم. إنّكم من شعبنا».
وبعد كلّ وعد الأتراك إلى السريان، لقد حرّضوا الأكراد على قتل السريان في جميع المناطق لحد قرا طور عابدين.
3- عن حوادث شعب السريان والمظالم
في أوّل أيّار سنة 1915حكومة الأتراك العثماني، في عهد الملوك، القوا القبض على اثني عشر شخصا بغير حقّ، ونسبوا لهم” انكم تركتم جبهة الحرب مع السلاح الحربي. فعلا هذه الدعوة مزوّرة لا لها أساس، وما نسبوه ليس بحقّ. هؤلاء الرجال لا راحوا جبهة حرب ولا جبهة حرب. لقد الحكومة حكمتهم حكما ظالما، ونفّذوا الحكم رميا بالرصاص. وفعلا نفّذوا الأمر: ستة في ديار بكر، واثنان في المدينة، واثنان في السويرك، واثنان في ماردين عند الباب المسمّى باب الصور، بوجود ما يقارب الف شخص مسلم ومسيحي. وفعلا جلبوهم والاثنا عشر شخصا هم من أهالي قراباش، قضاء دياربكر، مكلبجين بالحديد، مع أوراق تنفيذ بحقّهم.
وكان رئيس التنفيذ معهم. وقبل أمر القتل طلب من المحكومين: «لكم نصف ساعة. ماذا تريدون؟ أطلبوا». أفاق الواحد وقال: «نطلب كاهنا حتّى نكمّل الواجب الى ربّنا. لقد حكمت المحكمة علينا بغير حقّ ونحن أبرياء». وبعد ذلك، رئيس التنفيذ لبّى طلبهم وكلّف جنديا مع شخص من المسيحيين وأرسلهم الى كنيسة السريان، وجلبوا الكاهن. وحين وجود الكاهن، الرئيس رخّص الى الكاهن وقال: «يطلبون واجبهم». وفعلا الكاهن أمام الجمهور كمّل الواجب بالاعتراف وتناول جسد الرب. وفعلا بلّغ الكاهن الى الرئيس: «لقد أكمل الواجب». وعاد الرئيس الِ المحكومين وقال: «لكم خمس دقائق. ماذا تريدون»؟ أفاد المحكوم بوجود الشعب: «نحمد الرب اننا كمّلنا واجب الرب». وبصوت عال قال: «لقد حكمتنا الحكومة بغير حقّ، وما نسبوا لنا هو ليس حقيقيا ومزوّر». وفعلا شدّوا عيونهم، والرئيس أعطى أمر طلق الرصاص، وسلّموا الروح الى الخالق.
لقد أعطى أمرا الى الكاهن أن يدفنهم في مقبرة المسيحيين. لقد امتنع الكاهن وقال الى الرئيس: «لم أتمكّن بذلك. سيجري في الطريق بحقّنا تعدٍّ ». وفعلا الرئيس كلّف جنودا للمحافظة في الطريق. فعلا جرى دفنهم في كنيسة مار ميخائيل وكانوا شهداء أمام الرب. انّي المحرر كنت بالحادث موجودا.ع.ح.ب.
الذين حُكم عليهم رميا بالرصاص، وهم من أهالي قراباش، قضاء ديار بكر. حكمت المحكمة على ستة في دياربكر وهم: يويو ونعمان خدرشا، وصليبا ايرميا كربينة، وحنا بيدوس حنّوش. رميا بالرصاص في بلدة المدينة وهم: اسيا وخدرشا. وفي ماردين: كريم اوهان وعبد النور مينا.
4- حوادث السريان قديم في أنقرة وماردين ومدياث وتوابعها والصور وتوابعها
بعدما شملت مذابح السريان مع جملة الأرمن في سعرت وتوابعها والبشيرية وقرى ديار بكر، وصار علم بحوادث القتل وتشريد عائلات السريان في المناطق التي ذكرناها عند وكيل البطريرك عبد النور، وهو المطران الياس شاكر.
المذكور المطران الياس راجع رؤساء الأتراك ومتصرّف ديار بكر عن ما جرى من قتل وسبي وتشريد السريان، وذكّرهم انكم «لا تشملوا السريان من جنس التعدي حسب الوعد وحسب الوصيّة التي هي من الملوك ومن المحترم عمر الخطاب، حسب صكّ الوصيّة الذى لدينا».
لقد أولياء الأتراك الحربية وعدوا وعدا كاملا الى مطران الياس شاكر، وكيل البطريرك عبد النور، الذي كان مركزه بالقدس: «الذي جرى بدون علمنا وهو من الأكراد. ونعدك وعدا صادقا من تاريخه وبعد لن يجري بحقّ شعب السريان. نحترمكم ونحترم صكّ الوصية الذي لديكم ونحترم شريعتكم وتقاليد صلواتكم، ونحترم القسوس والرهبان ياسيادة». وعدوا وعدا كاملا أنّ ماردين وقراها ومدياث وقراها، طور عابدين وجميع المناطق يكون الشعب مؤمّنا. «سنحافظ عنكم وانتم من شعبنا». وبعد الوعد خالفوا الحقّ وتركوا الوجدان. وفي نصف حزيران امتدّت المذابح على قرى ماردين ومدياث وتوابعها وقرى طور عابدين والى جميع الأماكن التي بها الشمل المسيحي، من سريان وكاثوليك وجميع من هو مسيحي.
وكان الأتراك وأشراف ماردين يحرّضون رؤساء الأكراد على شمل المسيحيين بالقتل وتشريد العائلات عن بكرة أبيهم. وكانوا يمدّون الأكراد بقوى حربية، وكان أشراف ماردين يرسلون وفودا الى القرى المجاورة الى ماردين ويطمئنونهم: انكم «لا تفكّروا بشيء أبدا. نحن وأنتم شعب واحد، وان شاء الله تكونون مؤمّنين. سندافع عنكم». والشعب المسيحي كان يؤمن بذلك بكلّ طيبة قلب.
وفعلا الحكومة وأشراف ماردين أرسلوا من الجنود بقدر ماية وخمسين جنديا، وعلى رأسهم جاويش يوسف البدليسي، وهو من أهالي ماردين، حتّى يحافظ على قرية الكولية، التي تبعد عن ماردين 7 كيلومتر، والتي يقدّر عدد سكّانها خمس ماية عائلة.
وفي حضور الجنود مع رئيسهم يوسف البدليسي الى القرية المذكورة، زاد فرح الشعب، وجرت أصوات الهلاهيل بوجود المحافضة. وكانوا يصرخون كبير وصغير بصوت واحد ويطلبون «النصر لدولتنا التي نحن من ترابها». وكان الشعب يقدّم الى الجنود جميع اللوازم من اكل وشرب وما أشبه ذلك. وشباب الزعيم جبوري كلّ يوم كذا يذبحون من الغنم عشرا، ومن مشروب ويكرّمون الجنود بمبالغ مصاري وما يشبه ذلك.
وبعد ذلك زال الخطر عنهم و في جميع القرى المسيحية طمأنوا أفكارهم.
مع كلّ وعد الحكومة وأشراف ماردين الذين جرى على يدهم المظالم، كانوا يراسلون سرّا رئيس الجيش يوسف بدليسي الذي كان مستلما الأمن: «اعمل جهدك بالسماح للعشاير بالهجوم على القرية بالقتل والسبي وتشريد العائلات وحرق القرية. والحكومة تسمح بذلك. وكانت العلوم مكتومة. لقد تمّ الاتفاق بين أشراف ماردين ورئيس الجنود. وفعلاً أبلغهم: سينفّذ طلبهم، وأعطاهم وعدًا: اليوم المعيّن يرسلون علومًا إلى زعماء الأكراد العشائر بالهجوم على القرية. ويوم الوعد سنطلق ثلاث رصاصات في القرية إشارة حتّى يهجموا ويفعلوا ما يشاؤون. وكذا نحن من داخل القرية نفعل ما نشاء بالقتل وما أشبه ذلك».
وفعلاً، في أواخر حزيران، وجه الصباح حسب الوعد، لقد أطلق الجنود ثلاث طلقات… حسب الوعد. وجرى هجوم الأكراد بالقتل والسبي والتشريد. لقد ساعدهم الجنود بالقتل. أفاق رئيس الجنود يوسف جاويش، وجمع باقي المشرّدين في حوش الجبوري الذي كان مركز يوسف له، وكان عنده أربعة شباب من الجبوري، وبعض بواقي الذين انجمعوا. لقد رئيس الجنود أعطى أمرًا إلى جنوده بقتل الموجودين مع شباب الجبوري. وفعلاً تمّ قتلهم عن بكرة أبيهم في حوش الجبوري، وقتل المسيحيين قتلاً شنيعًا لا يقدر عابد الأصنام يتحمّل تلك المظالم وتلك الأعمال التي لم يرضَ عنها الربّ. وتمّ القتل والتشريد ونهب الأموال وحرق البيوت. وكان الأتراك يسمحون بذلك للأكراد لإبادة السريان.
نأتي إلى قرية قلعة مرا، عن ماردين خمسة كيلومتر، وتعدّ ثلاثماية وخمسين عائلة مسيحيّة، سريان قديم وكاثوليك. وذات النهار، أخذوا علمًا بما جرى في قرية الكولية وقتل شعبها، الشعب، وحرق البيوت. والآن الشعب تركوا بيوتهم ونزحوا عن القرية وقصدوا دير الزعفران صغير وكبير. وفي طريقهم صادفهم الأكراد وأطلقوا عليهم الرصاص وجرى قتيل والباقون وصلوا سالمين إلى الدير.
وكان في ماردين يقدر 35 رجلاً ليس عندهم علم بما جرى. ولدى رجوعهم إلى القرية المذكورة، حين وصولهم إلى القرية صادفهم الأكراد ورموهم قتلى عن بكرة أبيهم، والقسم الباقي التجأ إلى دير الزعفران، مشردين بدون مأوى.
قرية المنصورية شمال ماردين أربعة كيلومتر، وعدد سكانها مايتان وخمسون عائلة سريان وسريان كاثوليك. وكانوا يملكون بساتين وكرومًا وصنائع الخام والمبروم والصوف. وكانوا مؤمّنين حسب وعد الحكومة وأشراف ماردين. لقد هاجمتها عشائر الأكراد وشرّدت العائلات كبير وصغير بقتيل مع كلّ جنس العذاب. لقد التجأ منهم قليل العدد إلى ماردين، لأنّ ليس جرى على شعب السرياني من هجر وقتل داخل ماردين.
نأتي إلى قرية بنابيل عن شرقي ماردين 6 كيلومتر.
بعدما أخذوا علمًا عن قرية الكولية والمنصورية بما كان الوعد وما جرى بعد الوعد، صمّموا الدفاع عن أرواحهم مهما كلّف الأمر، لأنّهم رجال حرب ومقتدرون على الدفاع، والعشائر تحسب لهم حساب الرجوليّة. وكانوا حلفاء مع الزعيم الكردي خليل غزالي، رئيس عشيرة أومريان، ودائمًا كانوا يحاربون مع حليفهم خليل غزالي الجزراوي على العدو ودائمًا كانوا ينتصرون على الأعداء.
والمذكور خليل كان صديقًا مخلصًا لشعب بنابيل. المذكور خليل أخذ علمًا حقيقيًا أنّ الحكومة وأشراف ماردين يحرّضون أحمد سليمان الجزراوي، وأعدّوا له قوى حربيّة لأجل الفتك بقرية بنابيل وتشريد عيالهم.
بعد ما شعب بنابيل علم علمًا حقيقيًا، فعلاً لقد حضر حليفهم خليل ومعه يقدّر خمسماية رجل مسلّح، وطلب المواجهة مع المسيحيين. فعلاً انوجدوا وأخبرهم «أنّ الحكومة وأشراف ماردين أسندوا قتلكم وتشريد العائلات إلى إبن عمّي أحمد سليمان، رئيس عشيرة أومريان. وفعلاً يكون ذلك. لقد أخبركم بذلك. أعدكم وعد المحبّة والصدق أنّي ورجالي نجاهد معكم. سأكون مع رجالي خارج القرية، من الشرق والجنوب، حتّى أمنع الحرب عليكم شرقًا وجنوبًا. ولا تفكّروا أبدًا. أرسلوا غنمكم والبقر عندي خارج القرية». وتمّ الاتفاق بذلك، وفعلاً تمركز حسب الوعد في الشرق والجنوب مع رجاله.
5- مبدأ الهجوم وطلق الرصاص
كان المهاجمون لا يقدّر عددهم، وتقدموا نحو القرية، قرب حصون الرجال المسيحيين، لأنّ رجال وزعماء بنابيل منعوا الضرب، والعشائر يهاجمون هجومًا، ولم يعلم رجال الأكراد أنّ المسيحيين في المراكز. وحين ما تقدم المعتدون قرب المراكز، عن بعد مايتي متر، الرجال أعطوا أمرًا بطلق الرصاص على المهاجمين الأكراد. وبدأ الأبطال يخوضون حرب الرجولة التي تستحق الذكر من جيل وجيل. والشعب والعائلات في مبدأ الهجوم تركوا القرية، وقصدوا قرب رجالهم، في الحصون وفي البساتين.
ونذكر أوّل هجوم العشائر الذي شنّوه. لقد شعب المسيحي ردّهم مكسورين كسرًا عظيمًا. وتركوا من رجالهم عددًا كثيرًا ورجعوا مكسورين. ونساء بنابيل شاهدن انتصار رجالهنّ وكنّ يشجعن ويقلن: “أيّها الرجال معكم الربّ، حاربوا حرب الأبطال، الله ينصركم. ولا تلقوا رصاصة بدون قتيل، لأنّكم لستم معتدين، المعتدي دائمًا مكسور”.
وذكرنا حين مُنيت العشائر بالخسارة، تركوا قتلى كثيرين وتراجعوا. كانت جثث المقتولين بين الصخور. وقامت النساء تهاجم جثث المقتولين، وتجلب سلاحهم، وتسلمها إلى الرجال. ودام هجوم هجوم متواصل، وكلّ هجوم رجع العدو مكسورًا على أعقابه ومهزومًا. وكانت الحرب التي لاقاها الشعب المسيحي وانتصر انتصارًا عظيمًا يستحقّ الذكر من جيل وجيل. وكانت حرب الأبطال الذين قاوموا يقدّر ستّة آلاف رجل مع قوّة كافية. وكان الرجال المسيحيون بعدد ماية وعشرين رجلاً. الربّ ينصر الحقّ ويُسقط الباطل.
ودامت الحرب متواصلة مدّة شهر، وفي كلّ هجوم كان صوت النساء يشقّ عنان السماء ويشجعن رجالهنّ: «حاربوا حرب الموت ولا العار. أثبتوا في إيمان المسيح». وكانت أصوات رصاص المحاربين تدوّي في الجبال.
وكلّما حارب الأكراد لم يتمكنوا من مقاومة رجال بنابيل واحتلال مراكزهم. لقد اعتلم زعماء ماردين والحكومة أن لم تتمكن العشائر من قتل وتشريد المسيحيين. وجرى خجل عظيم عند زعماء الأكراد وزعماء ماردين والحكومة ومتصرّف ماردين. أرسلوا خمسة وعشرين جنديًا ورئيس الجنود وهو الملازم فرحان حتّى يحافظوا على العائلات. وفي وجود الجنود في القرية، لم يجدوا أحدًا في القرية. وكانت العائلات في البساتين بقرب رجالهم. مع ذلك، الجنود تمركزوا في القرية.
وجرى علم بذلك عند الرجال المحاربين عن وجود الجنود في القرية، وهو غير حقيقي، وهو خطّة مدبرة. حالاً قسم من الرجال تركوا مراكزهم، وجمعوا العائلات، وقصدوا دير الزعفران سالمين، وأسكنوا العائلات في داخل حوش الدير.
وبعد ذلك رجع الرجال وأخبروا جميع الرجال الذين في الحصون أمام الأكراد: لقد الرجال محاربو المسيحيين تركوا المراكز وانجمعوا جمعًا واحدًا، ولم يبقَ أحد في المراكز، وحافظوا على أرواحهم، وقصدوا الدير مع القوى الحربية التي لديهم سالمين.
وفي جميع الحروب التي لاقاها الشعب البنابيلي خسر يقدّر عشرين قتيلاً، لأنّ ماية وخمسين رجلاً حاربوا قدر أربعة آلاف من الأكراد وغير الأكراد، وقتلوا منهم عددًا لا يقدّر وغنموا بواريدهم. والله نصر الحقّ.
في وصول الرجال إلى الدير كانت محافظة جنود من الحكومة في داخل الدير. وفي مشاهدة الرجال المسيحيين مسلّحين، الجنود منعوهم عن دخول الدير، وسكّروا باب الدير في وجه الرجال. وحالاً أربعة رجال أشرفوا مع سلاحهم الحربي على سطح الدير من الشمال وتمركزوا. وهم بيموني يونو، وبوبو، وشمعي بن شمعي، وعبدي مورو. وحالاً أنذروا رئيس الجنود ورئيسهم: «فكّوا الباب وإلاّ نسفك دماءكم». فعلاً رئيس الجنود فكّ الباب، ودخل الرجال. وبعد ذلك أنذروا رئيس الجنود ترك الدير، «ونحن نقدر نحافظ على الدير وعلى أرواحنا». وفعلاً الرئيس والجنود تركوا الدير، وقصدوا ماردين، أخبروا القمندار والمتصرّف بما جرى.
بعدما اعتلمت العشائر والرؤساء أنّ رجال بنابيل احتلّوا الدير، لقد أصابهم خجل عظيم، لأنّهم كانوا يعدّون ألوف المقاتلين، ولم يتمكنوا من ماية وخمسين رجلاً، وما كان لديهم قوى حربيّة.
وبعد ذلك، عادت العشائر وتمركزوا في الجبال بقرب الدير وشمالي الدير، وعادوا إلى الهجوم على الدير. كذلك تمّوا مفشولين، وعادوا إلى الهجوم أيّامًا عديدة، وكلّ هجوم رجعوا مكسورين. لقد الشعب السرياني نالوا لقب الرجولة والبطولة من رؤساء العشائر الأكراد وغيرهم. متصرّف ماردين ومن أشراف ماردين الذين كانوا يحرّضون الشعب على المسيحيين بالقتل والهجر من كلّ جنس العذاب، وهم خضر جلبي كوملّي وأيوب الملي عبد الغني الأنصاري، طاهر الأنصاري، حاج فارس، حاج كرمو، أولاد عبد القادر الكوزي، وهم أربعة رجال، وكانوا يطلبون إبادة المسيحيين. وكانوا يراسلون علومًا إلى الأكراد: «لا ترحموا وتحموا مسيحيًا، والذي يخالف ليس له عند الله مقام».
تذكروا أنتم الذين وضعتم في قلوبكم سفك الدماء البريئة، ماذا يكون يوم الحساب عند الربّ؟!
نأتي إلى قليل المروءة خليل غزالي، الذي عاهد شعب بنابيل أن يجاهد ويحافظ إلى آخر نسمة من حياته. وكان وعد «إنّكم من شعبي وعشيرتي ومن دمي وترابي». وبعد كلّ الوعود تمركز حسب الاتفاق في شرقي وجنوب القرية. شعب بنابيل أرسل من الغنم والبقر مع الرعاة حتّى تكون مؤمّنة. وبعد حلف اليمين مع وعد كامل «حتّى لا يظهر منّي خلاف الوعد». وفعلاً في مبدأ الحرب كان حياديًا بين الطرفين، وبعد كلّ الحروب التي لاقاها شعب بنابيل ولم يفقد من رجاله ما يحرز، والشعب والعائلات وصلوا إلى دير الزعفران سالمين، جرى علم عن ذلك عند خليل غزالي. لقد تقدّم مع رجاله إلى بساتين بنابيل وأرسل رسولاً إلى الرجال المحاربين وطلب المواجهة. فعلاً تمّ ذلك. وحين المواجهة قليل المروءة والوجدان قابل الرجال وقدّم لهم الشكر «بما أدّيتم من الرجولة والانتصار الذي أحرزه شعب بنابيل». وشكرهم شكرًا مقدّرًا.
وفي وجود قسم الرجال المسيحيين مع الزعيم شمعو توما، قابلهم بكلّ طيب الخاطر، وشكرهم شكرًا جزيلاً على ما أدّوا في الحرب، «على ما قمتم في وجه ما يقارب أربعة آلاف مسلّح مع زعمائهم، وأحرزتم لقب الرجولة والبطولة». وبعد كلّ ذلك، جلسوا الرجال مع خليل، بين الثمار والأشجار. وكان خليل الخائن يطلب من الرجال المسيحيين الموجودين أن يجمعوا من ثمار البستان. وحالاً بدأ الرجال في جمع الفواكه. وكان جالسًا بجنب خليل الزعيم شمعو توما. وفعلاً الرجال قاموا يجمعون الفواكه، وكان خليل يحدّث الزعيم بطيب الخاطر، ويشكر على ما قاموا بالرجولة وما أشبه ذلك. وفورًا سحب الخنجر ورمى محبّه، وأشار إلى رجاله بطلق الرصاص على الرجال الذين هم في جمع الفواكه، وهم في أغصان الأشجار، ورموهم قتلى. لقد فرّ منهم ثلاثة رجال، وأتوا بالعلم إلى الرجال البنابيلية في الدير بما جرى من الخائن خليل غزالي الجزراوي.
وبعد ذلك لقد ترك البساتين إلى الجبال التي بها الغنم والبقر والرعاة. وفعلاً قتل الرعاة، واستلم جميع الغنم والبقر. وتمّ ذلك من صاحب الوعد.
وكان المذكور خليل وعد شعب قرية البكيري التي نعدّ خمسة عشر بيتًا مسيحيًا أنّه يحافظ عنها وتبعد عن الدير سبعة كيلومترات. وبعد رجوع خليل ورجاله من البستان، لقد هاجم القرية المذكورة بالقتل الشنيع الذي كان يحرق قلوب عباد الأصنام. أبادهم عن بكرة أبيهم صغير وكبير، واستلم جميع ما يملكون، الظالم الذي كان تعهّد بحمايتهم.
وإلى هنا تمّ بما جرى.
والشعب المشرّد الذي ترك ما يملك من أثاث بيته، وما يملك من أملاك، التجأ إلى دير الزعفران، وهم بدون فراش وأرزاق ولا كان أحد يرحمهم. مع ذلك كان الأكراد يهاجمونهم ويريدون قتلهم. وكان دائمًا الشعب اللاجئ يردّهم مكسورين.
وتمّ الشعب المسيحي تحت رحمة الله، من حزيران إلى تشرين الأوّل. وبعد كلّ الحروب اعتلم أشراف ماردين وزعماء العشائر والحكومة أنّهم لن يتمكنوا على إتلاف المسيحيين، وخاب مقصودهم.
وفعلاً حكومة الأتراك ومتصرّف ماردين منعوا القتل والتعدّي على الشعب المسيحي، حسب أوامر القائد أنور باشه، الذي كان متوليًا الحكم في جبهة العراق، وكان يحكم البرّ والجو والبحر، وكان مطلق الحريّة، يفعل ما يشاء. وفعلاً جرى عفو عام على شمل المسيحيين. فعلاً المتصرّف بلّغ الشعب وزعماء الأكراد وشعب ماردين أنّ الحكومة أعفت الشعب المسيحي من التعدّي، ومن اليوم وبعد كلّ من يخالف الأمر والقانون يُعاقب أشدّ العقاب.
وبعد كلّ شيء جرى، الحكومة أنذرت الشعب بالرجوع إلى القرى وكلّ المناطق التي تركوها. وكان رجوع المسيحيين مع محافظة الجنود إلى بيوتهم، يقدّر من الماية نفس 20 سالمًا. وما كانوا يملكون فراشًا ولا أرزاقًا وما أشبه ذلك. وبقي الشعب تحت رحمة الربّ. في ذات الوقت ظهرت الجمعيّة الخيريّة الأميركيّة. رئيسة الجمعيّة هي مسّ فلنكه التي أدّت كلّ الواجبات الإنسانيّة، وقامت بواجب النساء والبنات والأطفال، وجمعت جميع المشرّدين من شمل المسيحيين، وضحّت بمبالغ لا تقدّر لله.
6- بلدة مدياث
اعتلم الشعب المسيحي عن قتل وتشريد المسيحيين في قرى طور عابدين، فعلاً يكون مصيرهم بالقتل وتشريد العائلات على يد عشائر الأكراد والمحلمية ويد الحكومة. مدّت لهم قوى حربيّة مع أوامر أن يفعلوا ما يشاؤون من كلّ جنس المظالم. وكذلك زعماء ماردين أرسلوا علومًا إلى رؤساء العشائر بقتل المسيحيين قتلاً بدون رحمة، «ولا ترحموا صديقًا ولا معروفًا ولا تحافظوا أو تحموا أحدًا من المسيحيين كبير وصغير. نعلمكم لا ترحموا أبدًا أبدًا».
عندما أخذوا علمًا حقيقيًا عن كلّ شيء، وعن أوامر الأتراك وزعماء مدياث وزعماء ماردين يحرّضون العشائر على قتل وتشريد شمل المسيحيين، استعد المسيحيون للدفاع عن أرواحهم وعن عيالهم. فعلاً انجمع رجال المسيحيين عند المعروف حنا سفر وعيسى زتّي وغيرهم. وبلغ الشعب عن الحوادث والمشاورات التي جرت من الحكومة وزعماء مدياث وزعماء ماردين ورؤساء العشائر.
حالاً تجمّع رجال مدياث ورجال القرى المجاورة، وحضر الزعيم كلو شابو، ومعه الرجال الذين يُعتمد عليهم في المدافعة. وكانت الجلسة والمشاورة في دار الزعيم حنا سفر وعيسى زتي والرجال المعروفين. وكان نوع المجلس «الدفاع إلى آخر نفس عن حياتنا والجهاد». وكان في مدياث المقتدرون على الراسمال وهم بروتستان إنجيليون.
المذكورون كانوا مقتدرين أن يقوموا بشراء مواد حربية. وكان منهم الرأسمالي كلي هرمز وموسى الشماس. المجلس طلب منهم أن يقدّموا مبلغًا لأجل شراء مواد حرب، ونوع السلاح هو بندقية “حتّى ندافع عن أرواحنا وشرفنا، إمّا الموت أو الحياة”. لقد وافق كلي هرمز على ذلك، ورفض موسى الشماس ذلك بقوله: «لن ندفع عن هاذي الغاية شيئًا أبدًا». وتمّت الجلسة بدون اتفاق.
وذات النهار علمت الحكومة بما جرى الحديث بين المجلس وذلك. بعد مدّة يومين حكومة الترك ألقت القبض على رجال البروتستان الإنجيليين في السجن، كبير وصغير. وفي مدّة يومين ألقوا القبض على جميع رجال البروتستان. وفي نصف الليل ربطوهم كالخراف إلى المسلخ، مع قوّة جنود مع قوات حربيّة خارج البلدة المسمّاة كفرحرام، ورموهم قتلى بالرصاص الظالمون.
وجرى علم القتل عند رجال مدياث عن قتل البروتستان. فعلاً تجمّع رجال مدياث المسيحيون وقرّروا الدفاع. وبعد ذلك شاهد المسيحيون أنّ عشائر الأكراد والمحلمية تجمّعوا قرب مدياث بقدر ألوف الألوف، مع قوى حربية بعلم الحكومة، حتّى يفتكوا بقتل وتشريد المسيحيين عن بكرة أبيهم.
حالا انجمع رجال مدياث، أعلنوا الجهاد، وجرى علم بذلك عند مدير المنطقة والحكومة. ورؤساء الجيش قد طلبوا المقابلة مع الزعيم حنا سفر. وخاب الأمل عن المقابلة. وبعد ذلك تقدّم الأكراد والمحلمية وطامع الحرام قرب مدياث وبدأ طلق الرصاص والهجوم. وكان المعتدون يعدّون ألوف الألوف.
وحالا المسيحيون تفرّقوا الى مراكز وردّوا بالمثل. وبعد الحرب بين المسيحيين الذين دائما يطلبون الخير ولا الشر، وبين الذين يطلبون الدمار والخراب ويطلبون قتل الشهداء وسبي العائلات، دار الطلق والهجوم الذي كان يحرق قلوب عباد الأصنام. وجرى قتلى بين الطرفين في الشوارع والأسواق. وفي أثناء الهجوم انجمع الشعب كبير وصغير في الكنائس والبيوت، ودام دفاع المسيحيين عن الأرواح.
وكان قبل الهجوم قائد المنطقة، وهو شريف افندي، يسكن في مدياث، وداره تشرف على حارة المسيحيين. المذكور كان يعدّ نفسه صديقا ومخلصا الى شعب مدياث، وكان يعد المسيحيين: «لا يمكن أن يجري في بلدنا أيّ نوع من التعدّي. أعدكم وعدا كاملا: كونوا براحة البال، ولا تفكّروا بشيء ابدا. نفدي أرواحنا أمامكم». وكان كل ما وعد هو خلاف وباطل. أوّلا في أثناء الهجوم على شعب مدياث، خصّص داره لرجال الأكراد والمحلمية حتّى يحاربوا ويقتلوا. وبدأ طلق الرصاص.
في أثناء الحرب شاهد رجال المسيحيين أكثر طلق الرصاص ومدافعة العشائر هو من دار الخائن شريف أفندي. انجمع رجال مدياث مع سلاحهم الحربي، وهاجموا العدو في دار المذكور، وبدأ هجوم شعب مدياث الذي يستحق الذكر على القوات الموجودة في دار المذكور.
ودام الدفاع وتزعزعت قوّة المعتدين، وهاجم الرجال دار شريف، وتفرّق المعتدون، وجرى قتل شريف وقسم من رجاله مع احتلال الدار. الرجال المسيحييون استلموا الدار ونهبوا ما يملك، جميع الموجود في الدار، ودامت الحرب بين الطرفين متواصلة. وفي ذات الوقت والتاريخ، حزيران سنة 1915 ، هاجمت قوى الجيش التركي الحربية والعشائر التي تعدّ عشرة ألاف مسلّح على قرية عين ورد، التي التجأ اليها قسم من القرى المسيحية. وحين أخذ العلوم عند رجال المسيحيين بذلك، الرجال الذين كانوا يساعدون شعب مدياث في الدفاع، تركوا مدياث وشقّوا الطريق وقصدوا عين ورد. وهم الزعيم كلو شابو وغيرهم. لقد وصلوا سالمين بعد ما لاقوا مشقة.
لقد بقي شعب مدياث الوحيد الذي يدافع عن أرواح الشهداء. ودامت الحرب مدة خمسة عشر يوما، وجرى قتلى من النساء والأطفال في شوارع مدياث، وليس كان يوجد قوى حربية كافية بيد المسيحيين. وبعد كل الدفاع الذي دافعه شعب مدياث، لم يتمكنوا من البقاء. انجمع الشعب وشقّوا طريقهم، وقصدوا عين ورد، وتركوا قتلى لا تُعدّ من الشعب المسيحي في شوارع مدياث والبيوت.
في خروج شعب مديات مع العائلات من مديات، صادفهم عصابة الأكراد، وجاهدوا جهادًا عظيمًا على قدر الإمكان، وقُتل من الشعب كثير من الأطفال وشرّدوا العائلات. وقسم من الرجال والعائلات وصلوا إلى قرية عين ورد. وكلّ الحروب التي جرت على مديات، ولم يكن لديهم قوات حربيّة كافية. كان لديهم بنادق قديمة الزمان، وكان رجال الصنائع يصنعون الرصاص من الأواعي الصغيرة، وقسم من الرجال يصنعون البارود. وكان دفاع المسيحيين من قوّة الربّ ومساعدة القدّيسين. ودام الحال على تشريد المسيحيين في جميع بلاد تركيا.
ونذكر شيمة العرب الذين لم يشتركوا في مصائب المسيحيين من قتل وتشريد. وكان العرب يلاقون المسيحيين بقلب سالم، ويحافظون عن كلّ نوع التعدّي. لقد العرب حافظوا على المسيحيين مع معاملة تستحقّ الذكر. تحيا شيمة العرب!
7- المدافعة في عين ورد وباقي قرى السريان
بعد ما جرى هجوم الأكراد والمحلمية وجنود الأتراك على قرى المسيحيين السريان في جميع طور عابدين، والحروب التي جرت من قتل وتشريد العائلات، صمد المسيحيون على قدر الإمكان. ومن شدّة الهجومات، ولمّا لم يكن لدى الرجال المسيحيين قوى حربيّة، لقد تركوا القرى وشقّوا الطريق مع عيالهم، وقصدوا قرية عين ورد التي انجمع فيها شمل المسيحيين. وفعلاً قُتل من المسيحيين عدد كثير من الرؤساء الروحانيين والكهنة والرجال والنساء والأطفال والبنات والشباب. والشعب الذي قصد عين ورد لاقوا أشدّ العقبات في طريقهم من عشائر الأكراد وغيرهم، وحاربوا أشدّ الحروب. مع ذلك، وصل قسم من أهالي القرى إلى عين ورد سالمًا.
بعد ما تجمّع شمل المسيحيين في عين ورد، وجرى علم عند الأتراك والعشائر أنّ جميع المسيحيين التجأوا وانجمعوا في عين ورد، حكومة فتك المسيحيين أسندت قتل وتشريد السريان إلى زعماء الأكراد والمحلمية، بمساعدة الجيش التركي. وكان زعماء ماردين وجزيرة عمر الخطاب يرسلون علوما إلى رؤساء العشائر يبلغونهم ويحرّضونهم أن يفعلوا ما يشاؤون من قتل وسبي وتشريد ونهب بدون رحمة. وكان رؤساء الأتراك يمدون قوى حربيّة كافية إلى الأكراد وباقي العشائر.
لقد جرى علم عند رجال وزعماء عين ورد عن قرار الأتراك ومدّ قوى حربيّة إلى العشائر لقتل وتشريد المسيحيين بدون رحمة وشفقة. لقد تعهّد رؤساء الأكراد وغيرهم إلى حكومة الفتك التركي بقتل وتشريد المسيحيين عن بكرة أبيهم.
جرى علم حقيقي عند زعماء المسيحيين وهم كلو شابو والرجال الموجودين. تجمعوا جمعًا واحدًا، وقرّروا المدافعة إلى آخر نفس الحياة. وحصّنوا مراكزهم للدفاع أمام الشعب الغادر. وكان الزعماء يقوّون الرجال بالجهاد ويذكّرونهم: “طالب الشرّ دائمًا مكسور، وطالب الخير دائمًا منصور على الأعدا. أيّها الرجال اصمدوا وحاربوا حرب الرجولة والأبطال. إن شاء الله النصر حليفنا. نحن نطلب الخير، ولا نطلب سفك الدماء. والمعتدي دائمًا مكسور وطالب الخير يكون النصر حليفه من قوّة الربّ. أثبتوا في المراكز وحاربوا. وكلّ قتيل من الشعب المسيحي شهيد”.
اعتمد الرجال عن وقوع الحرب، وجرى تقسيم مواقع الرجال إلى المناطق والاستحكام، وكان أهل الصنائع تعاهدوا بصنع الرصاص من الأواعي الصغيرة، وصنع البارود وما أشبه ذلك.
تجمّع رجال الأكراد والمحلميّة وجنود الأتراك وباقي العشائر مع قوى حربيّة كاملة من جميع معدّات الحرب. لقد شاهد شعب ورجال المسيحيين تجمّع العشائر يعدّون ألوف الألوف في المراكز قرب عين ورد، وحان وقت الدفاع. وكذا تمركز رجال السريان في الأماكن المخصّصة، وبدأ الهجوم وطلق الرصاص من المعتدين، والشعب يردّ عليهم بالمثل. دارت الحرب التي تستحقّ الذكر، وكان النصر لرجال السريان الذين يطلبون الخير. ومن قوّة الربّ رجع العشائر مكسورين، وتركوا جثث رجالهم في الجبال. وكان عدد المهاجمين لا يتقدّر. وبعد أوّل هجوم، دامت الهجومات متواصلة مدّة ثلاثة أشهر.
بعدما الأتراك اعتلموا أنّ عشائر الأكراد والمحملية وغيرهم لم يتمكنوا من قتل الشعب الموجود في عين ورد، كان خجل عظيم عند قائد الجيش ناجي باشا، وعند زعماء ماردين والجزيرة، الذين كانوا يطلبون زوال المسيحيين، والربّ حماهم. وبعد ذلك ناجي باشا، القائد الحربي التركي، جمع قوى من العشائر ومن الجيش التركي، وضمّ قوى حربيّة كافية من جميع نوع الحربي، وتقدّم مع القوة المذكورة إلى قرب عين ورد، وطلب من الشعب الموجود أن يطيعوا ويسلّموا سلاحهم، ويكونوا مؤمّنين عن كلّ المظالم.
لقد الشعب المسيحي رفض المقابلة مع ناجي باشا، وأرسلوا له كتابًا: «نحن لم نحارب أحدًا أبدًا، ولم نحارب دولتنا، ودائمًا خاضعون لأوامر الحكومة، ولم نحارب بل ندافع عن أرواحنا وشرفنا. وفي هذه لن نخضع ولن نستسلم. نجاهد عن شرفنا وأرواحنا حتّى يفرجها الله».
وبعد كلّ الجوابات لقد تعصّب ناجي باشا، وعطى أوامر الهجوم بالقتل والتشريد عن بكرة أبيهم. وبدأ الهجوم على المسيحيين واشتعلت نار الحرب، والرصاص يدوّي كالصاعقة. فعلاً ردّوا عليهم بالمثل، ودارت الحرب التي تستحقّ الذكر بين الطرفين. ورُدّ الجيش والعشائر مكسورين بالهزيمة، وجرى قتلى من العدو لا يتقدّر. ومع كلّ الهجومات، لم يتمكنوا على استسلام الشعب المسيحي. بقي المسيحيون سالمين، وقد قُتل من الرجال المحاربين المسيحيين السريان عدد قليل. لقد خاب أمل الأتراك والأكراد وجميع العشائر عن استسلام شعب عين ورد وقتلهم وتشريدهم.
لقد بعد ذلك رؤساء الأتراك مثل ناجي باشا وغيره أرسلوا وفدًا من زعماء ماردين وجزيرة عمر الخطاب ليكون واسطة صلح. وفي وجود الوفد من قبل ناجي باشا مع زعماء عين ورد، مهما حاولوا أن الشعب المسيحي أن يؤمن بالوعد ولم يطع لهم. جواب الزعماء: «لم نحارب ولم نهاجم».
8- كيف تمّ السلام وقتل وتشريد المسيحيين الذي جرى من حزيران سنة 1915على الشعب المسيحي سريان وغير سريان
في المدّة التي كانت تجري الحروب وقتل الشعب المسيحي في قرى طور عابدين، كان رؤساء الكنائس في العراق -الموصل- عندهم علم عن قتل وتشريد المسيحيين. وكان صاحب السيادة البطريرك عمانوئيل، رئيس طائفة الكلدان، وسيادة المطران توما، رئيس طائفة اليعقوبيين السرياني، جاهدًا مع زعماء الموصل أهل المعروف وأهل الشهامة للوضع الموجود والمظالم الموجودة في حقّ المسيحيين الموجودين في طور عابدين وكلّ المناطق.
وكان أركان الجيش التركي أنور باشا الذي يحكم في العراق البرّ والبحر والجوّ، يفعل ما يريد. وكان البطريرك والمطران يسعيان حتّى يتمكنا من المقابلة مع أنور باشا. وبعد كلّ الوسائط والتضحيات من نقود لا تقدّر، تمّت الوساطة وطلبا المقابلة مع أنور باشا. وفعلاً المذكور أنور أعطى وعد المقابلة مع عمانوئيل وسيادة المطران توما. وجرت المقابلة مع أنور باشا وصاحب السيادة البطريرك عمانوئيل وسيادة المطران توما. ودار الحديث بين الطرفين عن الظلم الذي يجري في ماردين وطور عابدين، وجميع مناطق الشعب الأشوري الذي كان في تركيا في عهد ملوك بني عثمان لحدّ سنة 1915/1916. وكان لديهم امتيازات من قبل الأتراك. أولاً: يجوز لكلّ فرد من الأشوريين أن يحمل سلاحًا حربيًا بدون رخصة. وثانيًا: كانوا… التي جرى بها قتل ونهب وتشريد العائلات بدون رحمة، وعن ناجي بك قائد الجيوش في منطقة الجزيرة، والذي أعطى أوامر إلى العشائر بقتل وتشريد ونهب المسيحيين بدون رحمة وشفقة، وهو من شهر حزيران لحدّ أيلول 1915.
وفي أثناء المقابلة البطريرك والمطران ذكرا لأنور أنّ المسيحيين لا يحاربون الحكومة والجيش والعشائر أبدًا أبدًا، إنّهم يدافعون دفاعًا عن أرواحهم وعيالهم. «يا سيادة القائد الأعلى، لقد قصدنا الله وقصدناك وقصدنا دولتنا، ليس لنا غيرها، ونحن من دمها وترابها. قصدنا الله والدولة وقصدناك، ونسترحم منك ونطلب النصر لدولتنا التي ليس لنا غيرها. إنّك ترحم الشعب الذي في الظلم ونطلب رحمتك. الأمر أمرك، تفعل بما تريد».
وجرى حديث بين الطرفين، وفي مدّة قصيرة الربّ ألهم أنور باشا. مع وعد صادق بلّغ عمانوئيل وتوما قال: «كونوا براحة البال. أعدكم من اليوم وبعد لن يجري». وطمأن أفكار البطريرك عمانوئيل، البطريرك عمانوئيل والمطران توما. وتمّ الوداع بين الطرفين.
وذات النهار أنور باشا أبرق إلى ناجي بك، قائد جيوش منطقة سعرت والجزيرة، الذي كان موجودًا مع الجيوش والعشائر قرب قرية عين ورد، يحرّض الجيش وعشائر الأكراد وغيرهم، الذين عددهم ألوف الألوف، على تشريد شعب عين ورد. انذار أنور باشا إلى ناجي، قايد قوات الحربية: أن يبلّغوا منع التعدّي عن جميع المسيحيين في كلّ مكان، ورجوع الجيوش إلى الجزيرة.
وفعلاً طاع وتراجع وعطى أمرًا إلى زعماء الأكراد ورجالهم بمنع المقاومة. وتمّ انسحاب الجيش والأكراد. صاحب الوعد أنور باشا أرسل جيشًا ثانيًا لأجل الأمن، وكذا من الموصل أرسل رؤساء الكنيسة علومًا وطمأنوا أفكار الشعب المسيحي بما جرى معهم ومع قائد البرّ والبحر والجوّ أنور باشا، واطمأنّ الشعب المسيحي. وبعد مدّة قصيرة استتبّ الأمن.
9- دفاع قرية آزخ عن الأرواح
يُذكر من جيل وجيل بين الأتراك وجميع عشائر الأكراد والمحلمية وغيرهم الذين كان عددهم ألوف الألوف، وكانوا يطلبون زوال المسيحيين عن بكرة أبيهم وتشريد عيالهم. الأتراك حرّضوا العشائر، ومدّوا لهم قوى حربيّة كافية، وغضّوا النظر، وحرّضوهم وتعاهد زعماء الأكراد عن زوال المسيحيين وتشريد العائلات سنة 1915 حزيران. المحرر ع.ح.ب. مواليد سنة 1893.
بعدما جرت مذابح الأرمن كان الشعب السرياني مؤمّنًا عن المذابح وتشريد العائلات. كانت حكومة الترك العثمانيين بلّغت: “إنّكم السريان لديكم صكّ الوصيّة من ملوك بني عثمان والمحترم عمر الخطّاب. نحترمكم ونحترم الوصيّة التي لديكم. وأنتم من ترابنا ودمنا. ونحترم المطارين والقسوس وتقاليد شريعتكم”. وبعد كلّ الوعد الذي وعده أولياء الأتراك، بعد مدّة قصيرة، واجهوا زعماء الأكراد وحرّضوهم على زوال المسيحيين شملاً. وكان زعماء ماردين وزعماء جزيرة عمر الخطاب يرسلون علومًا إلى العشائر بقتل كلّ مسيحي. ومن جهة ثانية الأتراك أرسلوا وفودًا من وجهاء ورؤساء ماردين إلى القرى المسيحيّة، وطمأنوا أفكارهم عن كلّ شيء، وبلّغوا السريان: «إنّكم معفيّون عن كلّ جنس التعدّي ولا يلحق بكم شيء أبدًا»، حتّى يكون السريان مؤمّنين.
وبعد كلّ الوعود الصادقة حكومة فتك المسيحيين كانت تجمع زعماء الأكراد والمحلمية وغيرهم وتحرّضهم على قتل الشمل المسيحي، ليفعلوا ما شاؤوا من قتل بدون رحمة ونهب وتشريد عيالهم. الأتراك بنو عثمان شالوا رحمة الربّ من قلوبهم، وتعاملوا بكلّ شيء من المظالم التي لا يرضى عنها الله.
جرى علم عن مذابح الأرمن عن بكرة أبيهم في جميع بلاد تركيا وهي أرزروم، بلدة وان، وبدليس وسعرت والجزيرة وجميع المناطق والبلاد، وشملوا المسيحيين السريان في المذابح عن بكرة أبيهم، من قسوس ورهبان ومطارنة. وبعدها امتدّت إلى قرى السريان في جبال طور عابدين. حكومة الأتراك حرّضت عشائر الأكراد والمحلمية وغيرهم، ومدّت لهم قوى حربيّة، وأسندت قتل وتشريد الشمل المسيحي لهم.
وفي أواخر حزيران 1915، تلقى زعماء الأكراد أوامر من حكومة الأتراك الفتك بالمسيحيين بظلم وقتل وتشريد الشمل المسيحي بدون رحمة. وضمّت قوى حربية الى الجيش التركي حتّى يساعد العشائر في أثناء الهجوم على قرى المسيحيين. وفعلا بدأ الهجوم والظلم على قرى السريان، وكان الرجال المسيحيون يحاربون حرب الدفاع عن أرواحهم. وكثير من القرى المسيحية فاقت قوة الظالمين وقُتل قسم من الرجال وشرّدت العائلات، وقسم تركوا القتلى وما يملكون وشقّوا الطريق وقصدوا القرى المسيحية التي تملك رجال المدافعة عن الأرواح. امّا الموت أو الحياة.
علم رجال آزخ عن مذابح الشعب المسيحي في جميع القرى من قتل ونهب وتشريد العائلات بدون رحمة من كل جنس العذاب. بعد العلوم انجمع رجال آزخ وتشاوروا عن مصيرهم. انجمع زعماء القرية وغيرهم وهم ببّو اسطيفو، اوسي كوري، حنا ايليا، يوسف الخوري. ونذكر ايشوع حنا الذي اختار تأسيس سور الدفاع وجاهد بذلك.
تمّ القرار: «سندافع ونحارب الى آخر نسمة الحياة، ولا نؤمّن (من) الأتراك وزعماء العشائر مهما خدعونا.» وتمّ القرار عن تأسيس السور في جميع أطراف آزخ. وبعد تجمّع جميع شعب الموجود، بدأ عمل ذلك. وكان العمل نهارا وليلا، كبير وصغير، نساء وبنات.
لقد اعتلم الأتراك وزعماء الجزيرة بذلك عن تأسيس سور الدفاع. حالا أرسلوا وفدا من زعماء ورؤساء العشائر عن مواجهة رؤساء آزخ حتّى يؤمّنوهم. فعلا انوجد الوفد في آزخ، وجرى الحديث بين الطرفين. ذكر رئيس الوفد الى رؤساء المسيحيين وقال: «أيّها الاخوة، لا تفكّروا ابدا ابدا ولا يوجد شيء بما تفكّرون. الحكومة وعدتكم وعدا صادقا. جميع الشعب السرياني محبوبون، ولديكم الوصية من ملوك بني عثمان وعمر الخطاب المحترم، والحكومة تمنع عنكم كلّ جنس التعدّي.» الجواب من الزعماء المسيحيين: «نحن لا نؤمن بكم وبوعودكم، لأنّكم تخالفون ما تعدون. وعلوم عندكم وعند الحكومة: وعدتم جميع السريان والشعب السرياني بالمحافظة من كل نوع التعدي يكون عندكم، والحكومة تعلم. شملتم مذابح السريان مع الشعب الأرمني من حدود العجم الى بدليس وبلدة سعرت والجزيرة، مع جميع القرى، وامتدّت الى قرانا التي شرّدتم ما يقارب خمسين قرية، قتل وتشريد ونهب بدون رحمة. مع ذلك تريدون أن نؤمن منكم وبوعدكم وبوعد الحكومة. وعندنا علوم بكلّ شيء. بلّغوا الحكومة أنّنا لم نحارب احدا ابدا ابدا. سنحارب حربا عن أرواحنا مهما كلّف الأمر. نجاهد أمام أرواحنا وشرفنا. إمّا الموت أو الحياة. ولا نقبل إرسال وفود أبدًا. بلّغوا القائد ناجي بك التركي بذلك، وإن شاء الله النصر يكون حليفنا، والكسر إلى المعتدي».
وكانت الحرب والهجومات تدور على قرى المسيحيين قرب آزخ، وهي قرية بابقا وقرية إسفس وقرية كوبخ وغيرها. وأهل القرى التي مرّ اسمها، جاهدوا على قدر الإمكان، وشقّوا طريقهم والتجأوا إلى آزخ، بعد ما جرت حروب بينهم وبين الأكراد وجنود الأتراك. وقُتل منهم والباقي سالم، من رجال ونساء وأولاد، التجأوا إلى آزخ، بعد ما جرى معهم من مشقّة الطريق، وقُتل عدد كثير من الرجال والنساء والأطفال.
وفي هذه المدّة، الشعب الموجود، كبير وصغير، اجتهدوا في تأسيس سور الاستحكام في أربعة أطراف القرية، وبقي جميع الشعب داخل البيوت يستعدّون لخوض الحرب، ويطلبون من الله والقدّيسين أن يكون النصر حليفهم. ولم يوجد لدى الشعب المسيحي قوى حربيّة كافية.
في مبدأ استعداد الحرب، كان قسم من الرجال يصنعون الرصاص من الأواعي الصغيرة، وقسم من الرجال يصنعون البارود. وكانت عدّات الحرب قديمة. ودائمًا كانوا يراقبون عن هجومات الأكراد والمحلمية وجيش القائد التركي ناجي بك.
لقد خاب أمل الأتراك وزعماء العشائر عن استسلام الأهالي الموجودين في آزخ. قرّرت الحكومة مع زعماء الأكراد وغيرهم الهجوم على آزخ، بشرط أن يفعلوا ما يريدون من قتل وتشريد ونهب، بدون رحمة. «ولا ترحموا كبيرًا ولا صغيرًا لا تحافظوا على أحد، مع حرية كاملة».
أصدر الأمر قائد الجيش التركي ناجي بك الذي يطلب زوال المسيحيين شملا، إلى جنوده وإلى زعماء الأكراد والمحلميّة وغيرهم، طامعي الحرام، وطلب الهجوم على آزخ مع قوى تُقدّر بأربعة آلاف مسلّح. ومدّت العشائر بقوى حربية كافية.
فعلاً تقدمت القوات المعتدية قرب جبال آزخ من أربعة أطراف القرية. وقبل الهجوم، ناجي بك أرسل علمًا إلى زعماء رجال آزخ يطلب أن يخضعوا إلى أوامر الحكومة ويسلّموا سلاحهم، ويكونوا مؤمّنين وسالمين. جواب رجال المسيحيين: «يكون عندك معلوم، لا نطيع ولا نسلّم سلاحنا، ولا نخضع لكم، ولا نأمن منكم. مستعدّون أن نجاهد وندافع عن أرواحنا مهما كلّف الأمر، نحارب إلى آخر شخص منّا. وإن شاء الله النصر يكون حليفنا من قوّة الربّ والقدّيسين. لأنّ دائمًا المعتدي وطامع الحرام هو مكسور، وطامع الخير منصور. وكلّ قتيل من الطرفين تكونون مجرمين في حقّه أمام الربّ».
لقد خاب أمل الأتراك عن كلّ محاولة وكذا رؤساء العشائر، مع اعتراف أنّ الشعب المسيحي مصمّم على خوض الحرب. خاب الأمل عن كلّ محاولة وخداع. وكانت جيوش الأتراك مع رجال العشائر مرابطة في أطراف آزخ تعدّ ألوف الألوف مع عدّاتها الحربيّة، وناجي بك أسند القتل والتشريد والنهب بدون رحمة وشفقة.
أصدر ناجي بك ورؤساء العشائر إلى رجالهم الأوامر على الشعب الموجود في آزخ. فعلاً المعتدون أخذوا خطّة، وبدأ الهجوم وطلق الطواب والرصاص. تقدّم المعتدون بهجوم عنيف وكذا الشعب المسيحي من داخل القرية ردّ عليهم بالمثل. واشتعلت نار الحرب بين الطرفين، ودام القتال بقدر ستّ ساعات. وبعد كلّ الحروب كان النصر إلى شعب آزخ الذي يعدّ ستماية محارب. وكانت قوّة العدو تزيد عن خمسة آلاف مسلّح مع قوى حربيّة.
في أثناء القتال الذي دار بين الطرفين، كانت أصوات النساء تشقّ عنان السماء، ويشجعن الرجال، ويحرضهن بقولهن: «أيّها الرجال، اليوم يوم النصر. أيّها الرجال، حاربوا حرب الرجولة والأبطال. النصر من قوّة الربّ هو لكم. دائمًا كلّ معتد هو مكسور، وطالب الخير منصور». وفي أوّل الهجوم المعتدون مُنوا يالهزيمة وتراجعوا، وتركوا جثثًا في أطراف القرية، وقامت النساء تهاجم جثث المقتولين وتجلب سلاحهم الحربي.
بعد أوّل هزيمة للأكراد والجيش لقد فشلت قيادة الأتراك والأكراد. في مدّة عشرة أيّام القائد ورؤساء العشائر جمعوا قوى لا تُقدّر من عشائر الأكراد وغيرها. قائد المعتدين أعطى أوامر الهجوم مرّة ثانية، وتجمّع المعتدون في أربعة أقطار آزخ، وشعب آزخ والموجودون استعدّوا للدفاع. وبدأ المعتدون بالهجوم وطلق الرصاص ودارت الحرب بين الطرفين، والشعب صمد وحارب مدّة 8 أيام وتمّ قتلى من الطرفين لا تُعد.
وبعد الحروب، الجيش التركي وقوة العشائر رجعوا بالهزيمة، وتركوا القتلى في أطراف آزخ مع العدّات الحربيّة. وكان النصر لرجال شعب آزخ الذي يطلب الخير ولا الشرّ. وكان النصر من قوّة الربّ والقدّيسين. وكان قتلى المعتدين بقدر مايات ومن شعب آزخ الشهداء كذلك. ودامت الهجومات متواصلة من حزيران لحدّ أيلول. ومن قوّة الربّ لم يستسلم الشعب الموجود في آزخ، ولم يقدر العدو على فتح آزخ. كان خجل عظيم في قلوب الأتراك وزعماء الأكراد الذين كانوا تعهدوا لناجي باشا بزوال المسيحيين عن بكرة أبيهم.
وبعد مدّة الحروب التي جرت على شعب آزخ وغيره، من شهر حزيران إلى أيلول، جرى قتلى والباقي تمّ سالمًا. ولم يقدر العدو على فتح رجال المسيحيين الذين دافعوا دفاع الأبطال يستحقّ الذكر، ونالوا أكبر شهرة عند رؤساء الأكراد، الذين كانوا يطلبون قتل وتشريد المسيحيين بدون رحمة. فاقت قوّة رجال آزخ على المعتدين من أتراك وأكراد وجميع العشائر. تفكّك شملهم بالهزيمة وبُدّدت رجالهم وتمّ رجال آزخ منصورين نصرًا عظيمًا، وما بقي أحد يقدر يهاجم أبدًا. وبعد ذلك رجال آزخ كانوا يهاجمون قرى العشائر مع رجال مسلحين، ويجلبون أرزاقًا للعائلات وما كان أحد من العشائر يقاوم. ودام السلام.
10- كيف تمّ السلام على القرى المسيحيّة مثل عين ورد وآزخ وباسبرينا وغيرها
من جميع المناطق التي ناجي بك وزعماء الأكراد وغيرهم الذين يطلبون زوالهم عن بكرة أبيهم، ومن قوّة الربّ لقد دافعوا وحاربوا الحروب التي تستحقّ الذكر بقوّة الربّ وشفاعة القدّيسين، كان النصر لهم.
وفي كلّ مدّة الحروب، كان البطريرك عمّانوئيل الكلداني، والمطران توما السرياني اليعقوبي، يتلقّيان علوم المظالم على المسيحيين، وجاهدا جهادًا عظيمًا حتّى يقابلا أركان الجيش التركي، وهو أنور باشا، الذي يحكم البرّ والبحر والجوّ. وكان زعماء الموصل العرب أهل المروءة والشهامة يساعدون عمانوئيل والمطران لأجل المقابلة مع أنور باشا. وبعد كلّ المشقّات والأتعاب، وبعد كلّ ما ضحّيا من الغالي والرخيص والذهب الذي لا يقدّر، لقد حصلا على مقابلة القائد الأعلى أنور باشا، الذي يفعل ما يريد.
بواسطة، تمّ وعد المقابلة مع البطريرك عمانوئيل، رئيس طايفة الكلدان في العراق، والمطران توما السرياني اليعقوبي على طائفة الموصل. وتمّ وعد الملاقاة. فعلاً أنور باشا لاقى البطريرك والمطران بكلّ ودّ واحترام وجرى بينهم الحديث. وكان المذكور عمانوئيل يحدّث أنور باشا بما يجري من القتل وتشريد المسيحيين، السريان وغير السريان، الذين لديهم صكّ وصيّة من ملوك بني عثمان ومن المحترم عمر الخطاب الذي يذكر الوصية علهم. وفعلاً هم معفيّون عن المظالم. فعلاً قائد الجيش في منطقة الجزيرة وقرى طور عابدين يحرّض العشائر على قتل وتشريد الشعب من كلّ نوع المظالم.
المذكوران عمانوئيل وتوما طلبا من أنور باشا الرحمة ومنع التعدّي على باقي المسيحيين. “نعرف أنك أب رحوم تفعل ما تشاء. قصدنا الله ودولتنا وقصدناك. أولاً نطلب النصر إلى دولتنا والانتصار على الأعداء ولك الأمر”. وبعد كلّ الحديث الذي بينهم وكلّ الذكريات، لقد ضحّيا بنقود لا تقدّر حتّى تلاقيا في مواجهة أنور باشا. ومن حمد الربّ نالا مقصودهما، مع وعد كامل من قائد الأركان أنور، وطمأن أفكارهما مع وعد كامل: «من اليوم وبعد كونوا براحة البال. لن يجري تعدّ وظلم على الشعب المسيحي في كلّ مكان».
فعلاً أنور باشا اهتمّ اهتمامًا يستحقّ الذكر. أبرق إلى القائد الذي يحرّض الجيش والعشائر على المسيحيين، وطلب من القائد ناجي فورًا سحب الجيوش من على شمل قرى المسيحيين إلى الجزيرة، ومنع العشائر عن التعدّي على المسيحيين، وكلّ مَن يخالف الأمر يعاقب رميًا بالرصاص. وفي أخذ الأوامر حالاً سحب الجيوش وبلّغ العشائر بذلك.
فعلاً المذكوران عمّانوئيل وتوما أرسلا علومًا سرًّا إلى جميع قرى المسيحيين يذكّرانهم ويطمئنان أفكارهم بما جرى بينهم وبين أنور باشا عن الأمن وانسحاب الجيوش ومنع التعدّي من العشائر وغير العشائر.
وبعد انسحاب القوات المعتدية عن قرى المسيحيين لقد أرسل أنور باشا جيوشًا ثانية لأجل حفظ السلام. بعدما علم أنّه طمأن أفكارهم، أنور أرسل وفدًا من الأتراك، وبلّغوا أوامر الأمن، وقابلوا زعماء آزخ وعين ورد وبلّغوهم عن الأمن يكون مستتب «ولا تفكروا أبدًا، يكون جيش يحافظ عنكم. ومن جهة العشائر كونوا براحة البال. الحكومة تضرب بالحديد على كلّ من يخالف يعاقب أشدّ العقاب». وتمّ السلام بعد ما جرى قتل وتشريد من رجال ونساء وأطفال، عدد ألوف الألوف.
وبعد كلّ ما جرى من الأمن كان المسيحيون يراقبون ولا يغفلون عن أنفسهم. ومن حمد الربّ لقد تمّ الأمن والسلام، أيلول 1915.
11- نذكر قرية باسبرينا والدفاع عنها سنة 1915 حزيران
أسند الأتراك أربعين جنديًا لأجل حفظ الأمن في القرية المذكورة باسبرينا. وكانت القرية تعدّ 250 بيتًا، وهي سريان قديم. وكان الزعيم ملكي حنّا حيدو المعروف في الرجولة والبطولة، يرأس شمل المسيحيين. وكان مؤمّنًا من قبل وعود الأتراك عن حماية السريان. لقد أخذ علومًا عن إبادة الشعب السرياني في جميع المناطق والبلاد، مثل سعرت وأطرافها وجزيرة عمر الخطاب ومناطق ديار بكر وقرى ماردين. وشملت قرى طور عابدين. وبدأ الظلم وتشريد شعب السريان على يد عشائر وزعماء الأكراد.
حكومة الترك العثمانيّة أسندت إلى الأكراد وجميع العشائر قتل وتشريد السريان. وتمّ ذلك بدون رحمة. بدأت علنًا قوّة الجيش والعشائر تهاجم قرى السريان. وجرى علم بذلك عند الرجال والزعيم ملكي. جرّد الجنود من قوّاتهم الحربيّة واستلم جميع المواد الحربيّة وأطلق سراحهم. والجنود قصدوا القائد الحربي ناجي باشا أخبروه بذلك. القائد ناجي اهتمّ وتعصّب وجمع رؤساء عشائر الأكراد، وطلب قتل وتشريد قرية باسبرين عن بكرة أبيهم، وسلخ جلد الزعيم ملكي حنّا حيدو وهو في قيد الحياة.
وتقدم الزعيم الكردي محمد عمر رئيس عشيرة صالبهي الذي يعدّ نفسه من أكبر رجال الحروب، أمام القائد العسكري ناجي بك. تعهّد بقتل الشعب الباسبريني عن بكرة أبيهم بمدّة خمسة أيّام لا يزيد عن ذلك. والقائد أسند له قوى حربيّة وجميع شمل الأكراد قوى تقدّر بالألوف من الأكراد وقسمًا من الجيش التركي.
وجرى علم عن ذلك عند الشعب المسيحي. حالاً أهل القرى المجاورة تركوا قراهم والتجأوا إلى باسبرين، واستعدّوا لهجوم الأكراد والدفاع عن أرواح وشرف العائلات. يقدّر رجال المسيحيين الموجودين في باسبرين بألف رجل حربي. كانت الموادّ الحربيّة سلاحًا قديمًا ولا يوجد لديهم موادّ حربيّة كافية.
أوامر قائد الجيش: أرسل وفودًا حتّى يواجهوا ملكي حيدو وباقي الرجال الموجودين. من أمر ناجي: “أولاً، يلزم أن تخضعوا وتسلّموا سلاحكم والمواد الحربيّة التي جردتم الجيش منها مع وعد كامل أن تكونوا مؤمّنين من كلّ نوع التعدّي”.
بعد ذلك تشاور جميع الرجال: «لا نؤمّن ولا نخضع، أقوال بدون عمل. نحن نرسل علمًا إلى القائد: لا نريد نحارب الحكومة. نحن نحارب حرب الدفاع عن أرواحنا مهما كلّف الأمر، ولا نصدّق وعودكم».
وبعد ذلك أرسلوا كتابًا مع الوفد بذلك وجرى علم عند القائد: «لا نستسلم ولا نخضع لكم. مستعدّون للدفاع».
في رجوع وفد المقابلة مع رجال السريان الموجودين في باسبرينا، بلّغوا قائد الجيش ناجي بك عن عدم خضوع الشعب. فعلاً أعطى أوامر إلى زعماء الأكراد وإلى محمد عمر الذي تعهّد بقتل وتشريد المسيحيين في مدّة خمسة أيّام، وقدّم قوى حربيّة إلى الأكراد وغيرهم. فعلاً استعدّوا استعدادًا كاملاً، وشقّوا الطريق، وتقدموا مع جميع العشائر، وتمركزوا في قرب باسبرينا.
وجرى علم ذلك عند ملكي وباقي الزعماء. بلّغوا الرجال عن استعداد العدو وطلق الحريّة أن يفعلوا ما شاؤوا. فعلاً استعدّ الرجال الموجودون، قرّروا خوض الحرب: «إمّا الممات أو الحياة. نجاهد مهما كلّف الأمر».
وتمّ إنذار الحرب. تقدّمت قوّة المعتدين وبدأ طلق الرصاص وهجوم عظيم. اشتعلت النار. ردّ رجال المسيحيين بالمثل وجرى قتلى من الطرفين. دام هجوم الأكراد والجيش متواصلاً عدّة أشهر. لقد العدو جمع قوى لا تُعدّ. كان قائد العشائر محمد عمر يحرّض على الهجوم، يتقدّم قرب مراكز رجال المسيحيين في جبهة الحرب.
وبدأ طلق الرصاص ودارت الحرب بين الطرفين وجرى قتلى من الطرفين، وقُتل رئيس العشيرة محمّد عمر الذي يطلب سلخ جلد ملكي حيدو. وفي القتلى محمد عمر وقسم من رجاله ومن الشعب المسيحي. وتمّت جثث القتلى في أطراف باسبرينا، والأكراد مُنوا بالفشل. وتقدّم زعيم كردي، رفضان اسماعيل، وطلب هدنة الحرب بين الطرفين مقدار عشرة أيّام حتّى يدفنوا المقتولين من الطرفين. فعلاً تمّ الاتفاق بين الطرفين، وتقدّم زعيم الأكراد رفضان اسماعيل وغيره من زعماء الأكراد، وكذا من رؤساء السريان المسيحيين، وحلفوا اليمين على شروط الهدنة عن دفن المقتولين من الطرفين. ودام الحال وكلّ من الطرفين دفن شعبه.
وبعد مدّة الهدنة بمدّة قصيرة رجعت الحوادث كما كانت قبل الهدنة. زعماء العشائر مع رجالهم مع قوى حربيّة وجنود الأتراك مع جميع رجال الأكراد، الذين يعدّون ألوف الألوف، صدر لهم الأمر بهجوم عنيف على الشعب الموجود في باسبرينا. وجرى علم عند رجال المسيحيين، فعلاً استعدّوا وتمركزوا في مناطق الدفاع. وقبل هجوم المعتدين أرسل الرؤساء إلى الرجال الموجودين في باسبرينا، وطلبوا أن يرموا السلاح الحربي، ويطيعوا أوامر الحكومة وزعماء العشائر يكونوا مؤمّنين. الجواب من الشعب السرياني: «يكون عندكم معلوم، لا نأمن وعودكم، ندافع عن أرواحنا مهما كلّف الأمر وليس نحن المعتدين. ونطلب من الربّ النصر حليفنا». وتمّ رجوع الوفد المكلّف من القائد التركي وزعماء العشائر. أخبروا أنّ الشعب لم يخضع ولم يستسلم. مستعدّون للدفاع عن أرواحهم مهما كلّف الأمر.
حالاً زعماء الأكراد بلّغوا رجالهم خوض الهجوم. تقدّمت قوّة المعتدين وأنذرت الشعب. وبعد ذلك المعتدون هاجموا أشدّ الهجوم بقوى لا يُقدّر عددها مع جميع القوى الحربيّة من كلّ نوع. ودارت الحرب بين الطرفين وجرى قتلى من الطرفين عدد كثير.
مهما كلّف الحروب الشعب والرجال دافعوا دفاع الرجولة والأبطال، وردّوا قوّة المعتدين مفشولة، وجرى قتيل بين الطرفين، ودام التوتّر، لحدّ ظهور العفو العام عن شمل المسيحيين من قبل قائد الحربيّة الأعلى أنور باشا، الذي كان في جبهة العراق أمام جيوش بريطانيا، والذي أعطى أوامر إلى أركان الجيوش الرابضة على قرى السريان التي تحرّض عشائر الأكراد وغيرهم على قتل وتشريد شمل المسيحيين بالانسحاب مع جميع الجنود، ومنع العشائر عن التعدّي على المسيحيين وكلّ من يخالف قرار أنور باشا يعاقب أشدّ العقاب.
فعلاً قائد القوات أطاع الأوامر وسحب الجيوش إلى بلدة الجزيرة. أنذر زعماء الأكراد وجميع العشائر حسب أوامر أنور باشا. منع التعدّي والقتل وكلّ شيء عن شمل المسيحيين. ومن اليوم وبعد، كلّ من يخالف يعاقب أشدّ العقاب. ودامت الحال، وتمّ الأمن مدّة أيّام، وبعد ذلك كان زعماء الأكراد يحرّضون رجالهم بصورة غير رسميّة، ليهاجموا الشعب وللتعدّي. وكان المسيحيون يحافظون ويردّونهم.
دامت الحال مدّة أشهر ولم يكفّ الأكراد عن أعمال التخريب. لقد الزعيم ملكي حنّا حيدو توجّه إلى بلدة مديات، وقابل القيادة الحربيّة، وقابل قيادة المكيا؟ وأخبر بما يقوم زعماء الأكراد بإرسال الرجال لسلب حريّة الشعب. والمذكور ملكي طلب وفدًا من قبل الحكومة للتحقيق بما جرى. من بعد وعد الحكومة وبعد كلّ شيء القائد العسكري أرسل 25 جنديًا وعلى رأسهم قائد ملازم، لأجل فرض الأمن. وفي حضور الرئيس والجنود إلى باسبرينا، تمّت أفراح الشعب، واطمأنّت القلوب بحفظ الأمن.
تمركز الجيش والقائد في دير مار دودو وهو طابقان يقدّر مائتي غرفة. في وجود محافظة الأمن فعلاً استتبّ الأمن مدّة قصيرة. وبعد ذلك كذا جرى الحال كالسابق ودار التعدّي والهجوم على قرية باسبرينا فقط، وكان طلب رؤساء الأكراد زوال الشعب وحرق البيوت وتشريد العائلات وسلخ جلد الزعيم ملكي حنّا حيدو، المعروف بالبطولة والرجولة والحروب، وقتل قسم من الرجال المحاربين برفقته الموجودين في باسبرين. البطل المحارب ملكي حنّا حيدو وجميع الرجال الذين كانوا يدافعون عن أرواح الشعب السرياني من الظالمين الأتراك والأكراد، ويطلبون قتل وتشريد الشعب المسيحي بدون رحمة وزوالهم عن بكرة أبيهم، لقد الشعب السرياني حارب حرب الدفاع عن الأرواح، وصمد أمام ما يقدّر بعشرات الألوف من المعتدين الأكراد والأتراك.
نذكر جنود الأتراك الذين استلموا الأمن وتمركزوا في دير مار دودو قرب باسبرينا عن بعد متر 150. دام الحال من سنة 1915 إلى سنة 1917. الأكراد كانوا يطالبون بزوال باسبرينا وقتل الشعب واستلام القرية. وما كانوا يتمكنون من ذلك. بعد كلّ محاولة، شاهد زعماء الأكراد أنّهم دائمًا مفشولون. وتمّ الحال وزعماء العشائر بذلوا جهدًا، وضحّوا بنقود إلى الجنود ورئيسهم الذين كانوا استلموا دير مار دودو، مع محافظة باسبرين والشعب. ولدى مواجهة زعماء العشائر مع الجنود ورئيسهم قدّموا مبلغ مصاري لهم، وطلبوا قتل الزعيم ملكي حنّا حيدو وقسم من الرجال المحاربين معه، وتشريد الشعب والعائلات واحتلال باسبرين.
فعلاً تمّ الاتفاق مع رؤساء الأكراد والجنود والرئيس. وعد رئيس الجنود مع الأكراد بقتل الزعيم المعروف بالرجولة والبطولة والحروب، الزعيم ملكي حنّا حيدو، وقسم من الرجال المقدرين في الدفاع والحروب. وتمّ الاتفاق بذلك مع وعد صادق حسب مطاليب زعماء الأكراد عن قتل ملكي حنّا حيدو وكوري حيدو وداود كوري داخل الدير، عن يد الجنود مع أوامر الرئيس. وبعد قتل المذكورين يمكن الهجوم على باسبرين وتشريد العائلات واستلام باسبرين وتمركز الأكراد بها.
12- نذكر عن قتل ملكي
المذكور ملكي مع قسم من الرجال انوجدوا عند رئيس الجنود في الدير. وكانوا يظهرون له محبّة صادقة، وكان مؤمّنًا وما كانوا يظهرون شيئًا. وفي سنة 1917 شهر… لقد رئيس الجنود طلب مواجهة المذكور ملكي وكوري حيدو وداود كوري. فعلاً المذكورون قصدوا مواجهة الرئيس والجنود، وكانوا عزّلا عن السلاح. وفي وجودهم…
1 فيكتور مستريح، دراسات شرقيّة مسيحيّة، مجموعة 29-30، أبحاث – وثائق، مؤلفات المركز الفرنسيسكاني للدراسات الشرقيّة المسيحيّة، مطبعة الآباء الفرنسيسيين، القاهرة-القدس، 1998، ص. 59-190.
2 يقول لاحقًا في المقطع 11 إنّه من مواليد 1893 وهو التاريخ الأقرب إلى الواقع.
3 هنا نصّ الوصيّة:
بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء (أورشليم) من الأمان، أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملّتها، أنّه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن، وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنّه آمن على نفسه وماله حتّى يبلغوا مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعهم وصلبهم فإنّهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم، حتّى يبلغوا مأمنهم، ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل فلان، فمن شاء منهم قعدوا عليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله فإنّه لا يؤخذ منهم شيء حتّى يحصد حصادهم، وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمّة رسوله وذمّة الخلفاء وذمّة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية. شهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف، ومعاوية بن أبي سفيان. (تاريخ الطبري، السنة الخامسة عشرة، ص. 628-629، إعتنى به أبو صهيب الكرمي، بيت الأفكار الدوليّة، الأردن، السعوديّة).